أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٣ - الصفحة ٢٣٢
لوروده، أو لا يسمى نسخا في حقهم. لأنه وقع قبل بلوغ التكليف بالمنسوخ لهم. وإلى هذه المسألة أشار في مراقي السعود بقوله: هل يستقل الحكم بمطلق وروده وإن لم يبلغ المكلف. أو لا يكون ذلك إلا بعد بلوغه للمكلف، ويبنى على الخلاف في هذه القاعدة الاختلاف في خمس وأربعين صلاة التي نسخت من الخمسين بعد فرضها ليلة الإسراء، هل يسمى ذلك نسخا في حق الأمة لوروده، أو لا يسمى نسخا في حقهم. لأنه وقع قبل بلوغ التكليف بالمنسوخ لهم. وإلى هذه المسألة أشار في مراقي السعود بقوله:
* هل يستقل الحكم بالورود * أو ببلوغه إلى الموجود * * فالعزل بالموت أو العزل عرض * كذا قضاء جاهل للمفترض * ومسائل الوكالة معروفة مفصلة في كتب فروع المذاهب الأربعة، ومقصودنا ذكر أدلة ثبوتها بالكتاب والسنة والإجماع، وذكر أمثلة من فروعها تنبيها بها على غيرها. لأنها باب كبير من أبواب الفقه.
المسألة الثانية أخذ بعض علماء المالكية من هذه الآية الكريمة جواز الشركة، لأنهم كانوا مشتركين في الورق التي أرسلوها ليشتري لهم طعام بها.
وقال ابن العربي المالكي: لا دليل في هذه الآية على الشركة، لاحتمال أن يكون كل واحد منهم أرسل معه نصيبه منفردا ليشتري له به طعامه منفردا. وهذا الذي ذكره ابن العربي متجه كما ترى. وقد دلت أدلة أخرى على جواز الشركة. وسنذكر إن شاء الله بهذه المناسبة أدلة ذلك، وبعض مسائله المحتاج إليها، وأقوال العلماء في ذلك.
اعلم أولا أن الشركة جائزة في الجملة بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين.
أما الكتاب فقد دلت على ذلك منه آيات في الجملة، كقوله تعالى: * (فإن كانوا أكثر من ذالك فهم شركآء فى الثلث) *، وقوله تعالى: * (وإن كثيرا من الخلطآء ليبغى بعضهم على بعض) * عند من يقول: إن الخلطاء الشركاء، وقوله تعالى: * (واعلموا أنما غنمتم من شىء فأن لله خمسه) *، وهي تدل على الاشتراك من جهتين.
وأما السنة فقد دلت على جواز الشركة أحاديث كثيرة سنذكر هنا إن شاء الله طرفا منها. فمن ذلك ما أخرجه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أعتق شركا له في عبد وكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم العبد عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم، وإلا فقد عتق عليه ما عتق). وقد ثبت نحوه في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه التصريح منه صلى الله عليه وسلم بالاشتراك في الرقيق. وقد ترجم البخاري رحمه الله في صحيحه لحديث ابن عمر وأبي هريرة المذكورين بقوله (باب الشركة في الرقيق)، ومن ذلك، ما أخرجه الإمام أحمد والبخاري رحمهما الله عن أبي المنهال قال: اشتريت أنا
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»