وبهذا قال عبد الملك من المالكية، كما نقله عنه ابن المواز.
واختلف العلماء فيما إذا مات أحد المجاهدين قبل قسم الغنيمة، هل يورث عنه نصيبه؟ فقال مالك في أشهر الأقوال: والشافعي: إن حضر القتال: ورث عنه نصيبه وإن مات قبل إحراز الغنيمة، وإن لم يحضر القتال فلا سهم له.
وقال أبو حنيفة: إن مات قبل إحراز الغنيمة في دار الإسلام خاصة. أو قسمها في دار الحرب فلا شيء له. لأن ملك المسلمين لا يتم عليها عنده إلا بذلك.
وقال الأوزاعي: إن مات بعد ما يدرب قاصدا في سبيل الله قبل أو بعد أسهم له، وقال الإمام أحمد: إن مات قبل حيازة الغنيمة فلا سهم له، لأنه مات قبل ثبوت ملك المسلمين عليها، وسواء مات حال القتال أو قبله، وإن مات بعد إحراز الغنيمة فسهمه لورثته.
قال مقيده عفا الله عنه: وهذا أظهر الأقوال عندي، والله تعالى أعلم.
ولا يخفى أن مذهب الإمام مالك رحمه الله في هذه المسألة مشكل، لأن حكمه بحد الزاني والسارق: يدل على أنه لا شبهة للغانمين في الغنيمة قبل القسم، وحكمه بإرث نصيب من مات قبل إحراز الغنيمة إن حضر القتال. يدل على تقرر الملك بمجرد حضور القتال، وهو كما ترى، والعلم عند الله تعالى.
المسألة الثامنة: أصح الأقوال دليلا: أنه لا يقسم للنساء والصبيان الذين لا قدرة لهم على القتال، وما جرى مجراهم، ولكن يرضخ لهم من الغنيمة باجتهاد الإمام، ودليل ذلك ما رواه مسلم في صحيحه: عن ابن عباس، لما سأله نجدة عن خمس خلال.
منها: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء؟ وهل كان يضرب لهم بسهم؟ فيكتب إليه ابن عباس: كتبت تسألي: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء، وقد كان يغزو بهن، فيداوين الجرحى، ويحذين من الغنيمة، وأما بسهم فلم يضرب لهن. الحديث.
وهو صريح فيما ذكرنا، فيجب حمل ما ورد في غيره من أن النساء يسهم لهن على الرضخ المذكور في هذا الحديث المعبر عنه بقوله: (يحذين من الغنيمة). قال النووي: قوله (يحذين) هو بضم الياء وإسكان الحاء المهملة، وفتح الذال المعجمة، أي يعطين تلك العطية، وتسمى الرضخ، وفي هذا أن المرأة تستحق الرضخ،