السمآء والا رض أمن يملك السمع والا بصار ومن يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ومن يدبر الا مر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون) *. فقوله: * (فسيقولون الله) * دليل على معرفتهم نعمته. وقوله: * (فقل أفلا تتقون) * دليل على إنكارهم لها. والآيات بمثل هذا كثيرة جدا.
وروي عن مجاهد: أن سبب نزول هذه الآية الكريمة: أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله. فقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: * (والله جعل لكم من بيوتكم سكنا) * فقال الأعرابي: نعما قال: * (وجعل لكم من جلود الا نعام بيوتا) *. قال الأعرابي: نعما ثم قرأ عليه كل ذلك يقول الأعرابي: نعما حتى بلغ * (كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون) * فولى الأعرابي. فأنزل الله: * (يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها) *. وعن السدي رحمه الله: * (يعرفون نعمت الله) * أي نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ثم ينكرونها. أي يكذبونه وينكرون صدقه.
وقد بين جل وعلا: أن بعثة نبيه صلى الله عليه وسلم فيهم من منن الله عليهم. كما قال تعالى: * (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم) *. وبين في موضع آخر: أنهم قابلوا هذه النعمة بالكفران. وذلك في قوله: * (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار) *. وقيل: يعرفون نعمة الله في الشدة، ثم ينكرونها في الرخاء. وقد تقدمت الآيات الدالة على ذلك، كقوله: * (فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون) *، ونحوها من الآيات إلى غير ذلك من الأقوال في الآية.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (وأكثرهم الكافرون) * قال بعض العلماء: معناه أنهم كلهم كافرون. أطلق الأكثر وأراد الكل. قاله القرطبي والشوكاني. وقال الشوكاني: أو أراد بالأكثر العقلاء دون الأطفال ونحوهم. أو أراد كفر الجحود، ولم يكن كفر كلهم كذلك، بل كان كفر بعضهم كفر جهل. قوله تعالى: * (ثم لا يؤذن للذين كفروا) *. لم يبين تعالى في هذه الآية الكريمة متعلق الإذن في قوله * (لا يؤذن) * ولكنه بين في (المرسلات) أن متعلق الإذن الاعتذار. أي لا يؤذن لهم في الاعتذار، لأنهم ليس لهم عذر يصح قبوله، وذلك في قوله: * (هاذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون) *.