أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٤١٦
بني آدم بأن أزواجهم من نوعهم وجنسهم يفهم منه أنه ما جعل لهم أزواجا تباينهم كمباينة الإنس للجن، وهو ظاهر. ويؤيده قوله تعالى: * (ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) *. فقوله: * (أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا) * في معرض الامتنان يدل على أنه ما خلق لهم أزواجا من غير أنفسهم. ويؤيد ذلك ما تقرر في الأصول من (أن النكرة في سياق الامتنان تعم) فقوله: * (جعل لكم من أنفسكم أزواجا) * جمع منكر في سياق الامتنان فهو يعم، وإذا عم دل ذلك على حصر الأزواج المخلوقة لنا فيما هو من أنفسنا، أي من نوعنا وشكلنا. مع أن قوما من أهل الأصول زعموا (أن الجموع المنكرة في سياق الإثبات من صيغ العموم). والتحقيق أنها في سياق الإثبات لا تعم، وعليه درج في مراقي السعود حيث قال في تعداده للمسائل التي عدم العموم فيها أصح: جعل لكم من أنفسكم أزواجا) * جمع منكر في سياق الامتنان فهو يعم، وإذا عم دل ذلك على حصر الأزواج المخلوقة لنا فيما هو من أنفسنا، أي من نوعنا وشكلنا. مع أن قوما من أهل الأصول زعموا (أن الجموع المنكرة في سياق الإثبات من صيغ العموم). والتحقيق أنها في سياق الإثبات لا تعم، وعليه درج في مراقي السعود حيث قال في تعداده للمسائل التي عدم العموم فيها أصح:
* منه منكر الجموع عرفا * وكان والذي عليه انعطفا * أما في سياق الامتنان فالنكرة تعم. وقد تقرر في الأصول (أن النكرة في سياق الامتنان تعم)، كقوله: * (وأنزلنا من السمآء مآء طهورا) * أي فكل ماء نازل من السماء طهور. وكذلك النكرة في سياق النفي أو الشرط أو النهي. كقوله: * (ما لكم من إلاه غيره) *، وقوله: * (وإن أحد من المشركين) *، وقوله: * (ولا تطع منهم ءاثما) *. ويستأنس لهذا بقوله: * (وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون) * فإنه يدل في الجملة على أن تركهم ما خلق الله لهم من أزواجهم، وتعديه إلى غيره يستوجب الملام، وإن كان أصل التوبيخ والتقريع على فاحشة اللواط. لأن أول الكلام * (أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم) * فإنه وبخهم على أمرين: أحدهما إتيان الذكور. والثاني ترك ما خلق لهم ربهم من أزواجهم.
وقد دلت الآيات المتقدمة على أن ما خلق لهم من أزواجهم، هو الكائن من أنفسهم. أي من نوعهم وشكلهم. كقوله: * (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا) *، وقوله: * (ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا) *، فيفيد أنه لم يجعل لهم أزواجا من غير أنفسهم. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والا رض شيئا ولا
(٤١٦)
مفاتيح البحث: اللواط (1)، النهي (1)، الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 ... » »»