أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٤٢٥
شركاءهم في العذاب، كما قال تعالى: * (ربنا هاؤلاء أضلونا فأاتهم عذابا ضعفا من النار) *، وقد نص تعالى على أنهم وما يعبدونه من دون الله في النار جميعا في قوله: * (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) *. وأخرج من ذلك الملائكة وعيسى وعزيرا بقوله: * (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولائك عنها مبعدون) *، لأنهم ما عبدوهم برضاهم. بل لو أطاعوهم لأخلصوا العبادة لله وحده جل وعلا. قوله تعالى: * (وألقوا إلى الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون) *. إلقاؤهم إلى الله السلم: هو انقيادهم له، وخضوعهم. حيث لا ينفعهم ذلك كما تقدم في قوله: * (فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء) *. والآيات الدالة على ذلك كثيرة. كقوله: * (بل هم اليوم مستسلمون) * وقوله: * (وعنت الوجوه للحى القيوم) * ونحو ذلك من الآيات. وقد قدمنا طرفا من ذلك في الكلام على قوله: * (فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء) *.
وقوله: * (وضل عنهم ما كانوا يفترون) * أي غاب عنهم واضحمل ما كانوا يفترونه. من أن شركاءهم تشفع لهم وتقربهم إلى الله زلفى. كما قال تعالى: * (ويقولون هاؤلاء شفعاؤنا عند الله) *، وكقوله: * (ما نعبدهم إلا ليقربونآ إلى الله زلفى) *. وضلال ذلك عنهم مذكور في آيات كثيرة. كقوله تعالى: * (وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون) *، وقوله: * (فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون) *. وقد قدمنا معاني (الضلال) في القرآن وفي اللغة بشواهدها. قوله تعالى: * (الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون) *. اعلم أولا أن (صد) تستعمل في اللغة العربية استعمالين: أحدهما أن تستعمل متعدية إلى المفعول، كقوله تعالى: * (هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام) *، ومضارع هذه المتعدية (يصد) بالضم على القياس، ومصدرها (الصد) على القياس أيضا. والثاني أن تستعمل (صد) لازمة غير متعدية إلى المفعول، ومصدر هذه (الصدود) على القياس، وفي مضارعها الكسر على القياس، والضم على السماع. وعليهما القراءتان السبعيتان في قوله: * (إذا قومك منه يصدون) *
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»