أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٤١٠
بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة) *. وأشار إلى ذلك أيضا بقوله: * (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا فى كتاب) *، وقوله في سورة المؤمن: * (ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون) *.
وقال البخاري في صحيحه في الكلام على هذه الآية الكريمة: باب قوله تعالى: * (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر) * حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا هارون بن موسى أبو عبد الله الأعور، عن شعيب، عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو (أعوذ بالله من البخل والكسل، وأرذل العمر، وعذاب القبر، وفتنة الدجال، وفتنة المحيا والممات) اه وعن علي رضي الله تعالى عنه: أن أرذل العمر خمس وسبعون سنة. وعن قتادة: تسعون سنة. والظاهر أنه لا تحديد له بالسنين. وإنما هو باعتبار تفاوت حال الأشخاص. فقد يكون ابن خمس وسبعين أضعف بدنا وعقلا، وأشد خرفا من آخر ابن تسعين سنة، وظاهر قول زهير في معلقته: كان يدعو (أعوذ بالله من البخل والكسل، وأرذل العمر، وعذاب القبر، وفتنة الدجال، وفتنة المحيا والممات) اه وعن علي رضي الله تعالى عنه: أن أرذل العمر خمس وسبعون سنة. وعن قتادة: تسعون سنة. والظاهر أنه لا تحديد له بالسنين. وإنما هو باعتبار تفاوت حال الأشخاص. فقد يكون ابن خمس وسبعين أضعف بدنا وعقلا، وأشد خرفا من آخر ابن تسعين سنة، وظاهر قول زهير في معلقته:
* سئمت تكاليف الحياة ومن يعش * ثمانين حولا لا أبالك يسأم * أن ابن الثمانين بالغ أرذل العمر، ويدل له قول الآخر: أن ابن الثمانين بالغ أرذل العمر، ويدل له قول الآخر:
* إن الثمانين وبلغتها * قد أحوجت سمعي إلى ترجمان * وقوله: * (لكى لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير) * أي يرد إلى أرذل العمر، لأجل أن يزول ما كان يعلم من العلم أيام الشباب، ويبقى لا يدري شيئا. لذهاب إدراكه بسبب الخرف. ولله في ذلك حكمة.
وقال بعض العلماء: إن العلماء العاملين لا ينالهم هذا الخرف، وضياع العلم والعقل من شدة الكبر. ويستروح لهذا المعنى من بعض التفسيرات في قوله تعالى: * (ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات) *. قوله تعالى: * (والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق فما الذين فضلوا برآدى رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سوآء أفبنعمة الله يجحدون) *. أظهر التفسيرات في هذه الآية الكريمة: أن الله ضرب فيها مثلا للكفار، بأنه فضل بعض الناس على بعض في الرزق، ومن ذلك تفضيله المالكين على المملوكين في الرزق، وأن المالكين لا يرضون لأنفسهم أن يكون المملوكون شركاءهم فيما رزقهم الله من
(٤١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 ... » »»