بطونه) *: أن لبن الفحل يفيد التحريم. وقال: إنما جيء به مذكرا لأنه راجع إلى ذكر النعم. لأن اللبن للذكر محسوب، ولذلك قضى النبي صلى الله عليه وسلم (أن لبن الفحل يحرم) حيث أنكرته عائشة في حديث أفلح أخي أبي القعيس، فللمرأة السقي، وللرجل اللقاح. فجرى الاشتراك فيه بينهما اه. بواسطة نقل القرطبي.
قال مقيده عفا الله عنه: أما اعتبار لبن الفحل في التحريم فلا شك فيه، ويدل له الحديث المذكور في قصة عائشة مع أفلح أخي أبي القعيس. فإنه متفق عليه مشهور. وأما استنباط ذلك من عود الضمير في الآية فلا يخلو عندي من بعد وتعسف. والعلم عند الله تعالى.
المسألة الثانية استنبط النقاش وغيره من هذه الآية الكريمة: أن المني ليس بنجس، قالوا: كما يخرج اللبن من بين الفرث والدم سائغا خالصا، كذلك يجوز أن يخرج المني من مخرج البول طاهرا.
قال ابن العربي: إن هذا لجهل عظيم، وأخذ شنيعا اللبن جاء الخبر عنه مجيء النعمة والمنة الصادرة عن القدرة، ليكون عبرة. فاقتضى ذلك كله وصف الخلوص واللذة . وليس المني من هذه الحالة حتى يكون ملحقا به، أو مقيسا عليه.
قال القرطبي بعد أن نقل الكلام المذكور: قلت: قد يعارض هذا بأن يقال: وأي منه أعظم وأرفع من خروج المني الذي يكون عنه الإنسان المكرم؟ وقد قال تعالى: * (يخرج من بين الصلب والترآئب) * وقال: * (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) * وهذا غاية في الامتنان.
فإن قيل: إنه يتنجس بخروجه في مجرى البول.
قلنا: هو ما أردناه. فالنجاسة عارضة وأصله طاهر اه محل الغرض من كلام القرطبي.
قال مقيده عفا الله عنه: وأخذ حكم طهارة المني من هذه الآية الكريمة لا يخلو عندي من بعد. وسنبين إن شاء الله حكم المني: هل هو نجس أو طاهر، وأقوال العلماء في ذلك، مع مناقشة الأدلة. اعلم أن في مني الإنسان ثلاثة أقوال للعلماء: الأول أنه طاهر، وأن حكمه حكم النخامة والمخاط. وهذا هو مذهب الشافعي، وأصح الروايتين عن أحمد، وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، وداود،