نسيه وتركه غير ملتفت إليه. فقوله: * (مفرطون) * أي متروكون منسيون في النار. ويشهد لهذا المعنى قوله تعالى: * (فاليوم ننساهم كما نسوا لقآء يومهم هاذا) *، وقوله: * (فذوقوا بما نسيتم لقآء يومكم هاذآ إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد) *، وقوله: * (وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقآء يومكم هاذا ومأواكم النار) *، فالنسيان في هذه الآيات معناه: الترك في النار. أما النسيان بمعنى زوال العلم: فهو مستحيل على الله. كما قال تعالى: * (وما كان ربك نسيا) *، وقال: * (قال علمها عند ربى فى كتاب لا يضل ربى ولا ينسى) *.
وممن قال بأن معنى * (مفرطون) * منسيون متركون في النار: مجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، وابن الأعرابي، وأبو عبيدة، والفراء، وغيرهم.
وقال بعض العلماء: معنى قوله * (مفرطون) * على قراءة الجمهور: أي مقدمون إلى النار معجلون. من أفرطت فلانا وفرطته في طلب الماء: إذا قدمته، ومنه حديث: (أنا فرطكم على الحوض) أي متقدمكم. ومنه قول القطامي: وقال بعض العلماء: معنى قوله * (مفرطون) * على قراءة الجمهور: أي مقدمون إلى النار معجلون. من أفرطت فلانا وفرطته في طلب الماء: إذا قدمته، ومنه حديث: (أنا فرطكم على الحوض) أي متقدمكم. ومنه قول القطامي:
* فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا * كما تقدم فراط لوراد * وقول الشنفرى: وقول الشنفرى:
* هممت وهمت فابتدرنا وأسبلت * وشمر مني فارط متمهل * أي: متقدم إلى الماء. وعلى قراءة نافع فهو اسم فاعل أفرط في الأمر: إذا أسرف فيه وجاوز الحد. ويشهد لهذه القراءة قوله: * (وأن المسرفين هم أصحاب النار) * ونحوها من الآيات. وعلى قراءة أبي جعفر، فهو اسم فاعل، فرط في الأمر: إذا ضيعه وقصر فيه، ويشهد لهذا المعنى قوله تعالى: * (أن تقول نفس ياحسرتى على ما فرطت فى جنب الله) *. فقد عرفت أوجه القراءات في الآية، وما يشهد له القرآن منها.
وقوله: * (لا جرم) * أي حقا أن لهم النار. وقال القرطبي في تفسيره: لا رد لكلامهم (وتم الكلام) أي ليس كما تزعمونا جرم أن لهم النارا حقا أن لهم النارا وقال بعض العلماء: (لا) صلة، و (جرم) بمعنى كسب. أي كسب لهم عملهم أن لهم النار. قوله تعالى: * (وإن لكم فى الا نعام لعبرة نسقيكم مما فى بطونه) *. بين جل وعلا في هذه الآية