أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٦
فسوف تعلمون) * وتشهد لهذا المعنى آيات أخر. كقوله. * (قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار) *، وقوله: * (قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار) *، وقوله: * (ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الا مل فسوف يعلمون) *، وقوله: * (فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذى يوعدون) * وقوله: * (كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون) *، وقوله: * (فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذى فيه يصعقون) *، إلى غير ذلك من الآيات. * (ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون * ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون * وإذا بشر أحدهم بالا نثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه فى التراب ألا سآء ما يحكمون * للذين لا يؤمنون بالا خرة مثل السوء ولله المثل الا على وهو العزيز الحكيم * ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دآبة ولاكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جآء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون * ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون * تالله لقد أرسلنآ إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطن أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم * ومآ أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذى اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون * والله أنزل من السمآء مآء فأحيا به الا رض بعد موتهآ إن فى ذالك لآية لقوم يسمعون * وإن لكم فى الا نعام لعبرة نسقيكم مما فى بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سآئغا للشاربين * ومن ثمرات النخيل والا عناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن فى ذالك لآية لقوم يعقلون * وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون * ثم كلى من كل الثمرات فاسلكى سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفآء للناس إن فى ذالك لآية لقوم يتفكرون * والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكى لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير * والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق فما الذين فضلوا برآدى رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سوآء أفبنعمة الله يجحدون) * قوله تعالى: * (ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون) *. في ضمير الفاعل في قوله * (لما لا يعلمون) * وجهان: أحدهما أنه عائد إلى الكفار. أي ويجعل الكفار للأصنام التي لا يعلمون أن الله أمر بعبادتها، ولا يعلمون أنها تنفع عابدها أو تضر عاصيها نصيبا الخ. كقوله تعالى: * (ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم وما للظالمين من نصير) * ونحو ذلك من الآيات.
وقال صاحب الكشاف: ومعنى كونهم لا يعلمونها: أنهم يسمونها آلهة، ويعتقدون فيها أنها تضر وتنفع، وتشفع عند الله. وليس كذلكا وحقيقتها أنها جماد، لا يضر ولا ينفع. فهم إذا جاهلون بها.
الوجه الثاني أن واو (يعلمون) واقعة على الأصنام. فهي جماد لا يعلم شيئا. أي ويجعلون للأصنام الذين لا يعلمون شيئا لكونهم جمادا نصيبا إلخ. وهذا الوجه كقوله: * (أموات غير أحيآء وما يشعرون أيان يبعثون) *، وقوله: * (فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين) *، وقوله: * (ألهم أرجل يمشون بهآ أم لهم أيد يبطشون بهآ أم لهم أعين يبصرون بهآ) *، إلى غير ذلك من الآيات. وعلى هذا القول فالواو راجعة إلى (ما) من قوله (لما لا يعلمون). وعبر عنهم ب (ما) التي هي لغير العاقل. لأن تلك المعبودات التي جعلوا لها من رزق الله نصيبا جماد لا تعقل شيئا. وعبر بالواو في (لا يعلمون) على هذا القول لتنزيل الكفار لها منزلة العقلاء في زعمهم أنها تشفع، وتضر وتنفع.
وإذا عرفت ذلك فاعلم أن هذا المعنى المذكور في هذه الآية الكريمة بينه تعالى في
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»