أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٥
كفره هدى، لأنه ما منعه من معرفة الحق مع ظهوره إلا شدة التعصب للكفر، كما قدمنا الآيات الدالة على ذلك في الأعراف. كقوله * (إنهم اتخذوا الشياطين أوليآء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون) *، وقوله: * (قل هل ننبئكم بالا خسرين أعمالا الذين ضل سعيهم فى الحيواة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) *، وقوله: * (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) * وحملهم أوزارهم هو اكتسابهم الإثم الذي هو سبب ترديهم في النار أعاذنا الله والمسلمين منها؟
وقال بعض العلماء: معنى حملهم أوزارهم: أن الواحد منهم عند خروجه من قبره يوم القيامة يستقبله شيء كأقبح صورة، وأنتنها ريحا. فيقول: من أنت؟ فيقول: أو ما تعرفنيا فيقول: لا والله، إلا أن الله قبح وجهكا وأنتن ريحكا فيقول: أنا عملك الخبيث، كنت في الدنيا خبيث العمل منتنة فطالما ركبتني في الدنياا هلم أركبك اليوم. فيركب على ظهره. اه.
وقوله: * (ألا سآء ما يزرون) * (ساء) فعل جامد. لإنشاء الذم بمعنى بئس. و (ما) فيها الوجهان المشار إليهما بقوله في الخلاصة: ألا سآء ما يزرون) * (ساء) فعل جامد. لإنشاء الذم بمعنى بئس. و (ما) فيها الوجهان المشار إليهما بقوله في الخلاصة:
* وما مميز وقيل فاعل * في نحو نعم ما يقول الفاضل * وقوله: * (يزرون) * أي يحملون. وقال قتادة: يعملون. اه. قوله تعالى: * (قد مكر الذين من قبلهم) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكفار الذين كانوا قبل كفار مكة قد مكروا. وبين ذلك في مواضع أخر، كقوله: * (وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا) *، وقوله: * (وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) *.
وبين بعض مكر كفار مكة بقوله: * (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك) *.
وذكر بعض مكر اليهود بقوله: * (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين) *.
وبين بعض مكر قوم صالح بقوله: * (ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين) *.
وذكر بعض مكر قوم نوح بقوله: * (ومكروا مكرا كبارا وقالوا لا تذرن
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»