الفضة في (سورة الإنسان) أيضا في قوله: * (عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا) *.
فمن لبس الديباج أو الفضة في الدنيا منع من التنعم بلبسهما المذكور في (سورة الإنسان)، لقوله صلى الله عليه وسلم: (هي لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة) فلو أبيح لبس الفضة في الدنيا مع قوله في نعيم أهل الجنة: * (وحلوا أساور من فضة) * لكان ذلك مناقضا لقوله صلى الله عليه وسلم: (هي لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة).
وذكر تنعم أهل الجنة بالشرب في آنية الذهب في (سورة الزخرف) في قوله تعالى: * (يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب) *. فمن شرب في الدنيا في أواني الذهب منع من هذا التنعم بها المذكور في (الزخرف).
وذكر جل وعلا تنعم أهل الجنة بالشرب في آنية الفضة في (سورة الإنسان) في قوله: * (ويطاف عليهم بأانية من فضة وأكواب كانت قواريرا قواريرا من فضة قدروها تقديرا ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا عينا فيها تسمى سلسبيلا) * فمن شرب في آنية الفضة في الدنيا منع هذا التنعم بها المذكور في (سورة الإنسان) فقد ظهر بهذا للمنصف دلالة القرآن والسنة الصحيحة على منع لبس الفضة. والعلم عند الله تعالى.
تنبيه فإن قيل: عموم حديث حذيفة المذكور الذي استدللتم به، وببيان القرآن أنه شامل للبس الفضة والشرب فيها، وقلتم: إن كونه واردا في الشرب في آنية الفضة لا يجعله خاصا بذلك. فما الدليل في ذلك على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؟
فالجواب أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عما معناه: هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟ فأجاب بما معناه: أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
قال البخاري في صحيحه: حدثنا مسدد، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سليمان التيمي، عن أبي عثمان عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأنزلت عليه * (وأقم الصلواة طرفى النهار وزلفا من اليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذالك ذكرى للذاكرين) * قال الرجل: