أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٥
والطوق والسوار من الذهب وهن النساء بلا شك.
الأمر الثالث أن أبا داود رحمه الله قال بعد الحديث المذكور متصلا به: حدثنا مسدد ثنا أبو عوانة عن منصور عن ربعي بن خراش عن امرأته عن أخت لحذيفة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشر النساء، أما لكن في الفضة ما تحلين به، أما إنه ليس منكن امرأة تحلى ذهبا تظهره إلا عذبت به).
حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا أبان بن زيد يزيد العطار ثنا يحيى أن محمد بن عمرو الأنصاري حدثه أن أسماء بنت يزيد حدثته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة تقلدت قلادة من ذهب قلدت في عنقها مثله من النار يوم القيامة. وأيما امرأة جعلت في أذنها خرصا من ذهب جعل في أذنها مثله من النار يوم القيامة).
فهذان الحديثان يدلان على أن المراد بالحديث الأول منع الذهب للنساء، وأن قوله: (فالعبوا بها). معناه: فخلوا نساءكم من الفضة بما شئتم كما هو صريح في الحديثين الأخيرين. وهذا واضح جدا كما ترى.
ويدل له أن الحافظ البيهقي رحمه الله ذكر الأحاديث الثلاثة المذكورة التي من جملتها (وعليكم بالفضة فالعبوا بها) في سياق الأحاديث الدالة على تحريم الذهب على النساء أولا دون الفضة. ثم بعد ذلك ذكر الأحاديث الدالة على النسخ ثم قال: واستدللنا بحصول الإجماع على إباحته لهن على نسخ الأخبار الدالة على تحريمه فيهن خاصة. والله أعلم انتهى.
ومن جملة تلك الأحاديث المذكورة حديث: (فالعبوا بها) وهو واضح جدا فيما ذكرنا. فإن قيل: قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المذكور (يحلق حبيبه)، (أن يطوق حبيبه)، (أن يسور حبيبه) يدل على أن المراد ذكر. لأنه لو أراد الأنثى لقال حبيبته بتاء الفرق بين الذكر والأنثى.
فالجواب أن إطلاق الحبيب على الأنثى باعتبار إرادة الشخص الحبيب مستفيض في كلام العرب لا إشكال فيه. ومنه قول حسان بن ثابت رضي الله عنه: فالجواب أن إطلاق الحبيب على الأنثى باعتبار إرادة الشخص الحبيب مستفيض في كلام العرب لا إشكال فيه. ومنه قول حسان بن ثابت رضي الله عنه:
* منع النوم بالعشاء الهموم * وخيال إذا تغار النجوم * * من حبيب أصاب قلبك منه * سقم فهو داخل مكتوم * ومراده بالحبيب أنثى. بدليل قوله بعده
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»