أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣٤٢
أن يعبد وحده.
وأوضح هذا في آيات أخر. كقوله في (سورة فاطر): * (ألم تر أن الله أنزل من السمآء مآء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدوآب والا نعام مختلف ألوانه كذلك) *، وقوله: * (ومن ءاياته خلق السماوات والا رض واختلاف ألسنتكم وألوانكم) * ولا شك أن اختلاف الألوان والمناظر والمقادير والهيئات وغير ذلك فيه الدلالة القاطعة على أن الله جل وعلا واحد، لا شبيه له ولا نظير ولا شريك، وأنه المعبود وحده.
وفيه الدلالة القاطعة على أن كل تأثير فهو بقدرة وإرادة الفاعل المختار، وأن الطبيعة لا تؤثر في شيء إلا بمشيئته جل وعلا.
كما أوضح ذلك في قوله: * (وفى الا رض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بمآء واحد ونفضل بعضها على بعض فى الا كل إن فى ذالك لآيات لقوم يعقلون) * فالأرض التي تنبت فيها الثمار واحدة. لأن قطعها متجاورة، والماء الذي تسقى به ماء واحد، والثمار تخريج متفاضلة، مختلفة في الألوان والأشكال والطعوم، والمقادير والمنافع.
فهذا أعظم برهان قاطع على وجود فاعل مختار، يفعل ما يشاء كيف يشاء، سبحانه جل وعلا عن الشركاء والأنداد.
ومن أوضح الأدلة على أن الطبيعة لا تؤثر في شيء إلا بمشيئته جل وعلا أن النار مع شدة طبيعة الإحراق فيها ألقى فيها الحطب وإبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، ولا شك أن الحطب أصلب وأقسى وأقوى من جلد إبراهيم ولحمه. فأحرقت الحطب بحرها، وكانت على إبراهيم بردا وسلاما لما قال لها خالقها: * (قلنا يانار كونى بردا وسلاما على إبراهيم) * فسبحان من لا يقع شيء كائنا ما كان إلا بمشيئته جل وعلا، فعال لما يريد.
وقوله في هذه الآية الكريمة: * (يذكرون) * أصله يتذكرون، فأدغمت التاء في الذال. والأذكار: الاعتبار والاتعاظ. قوله تعالى: * (وهو الذى سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون) *.
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 ... » »»