أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٣٤١
والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم) *، وقوله: * (ولقد زينا السمآء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين) *، وقوله: * (وبالنجم هم يهتدون) * إلى غير ذلك من الآيات. وفي هذه الآية الكريمة ثلاث قراءات سبعيات في الأسماء الأربعة الأخيرة، التي هي الشمس، والقمر، والنجوم، ومسخرات. فقرأ بنصبها كلها نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وعاصم في رواية شعبة. وقرأ برفع الأسماء الأربعة ابن عامر، على أن * (والشمس) * مبتدأ وما بعده معطوف عليه و * (مسخرات) * خبر المبتدأ. وقرأ حفص عن عاصم بنصب * (والشمس والقمر) * عطفا على * (اليل والنهار) * ورفع * (والنجوم مسخرات) * على أنه مبتدأ وخبر. وأظهر أوجه الإعراب في قوله * (مسخرات) * على قراءة النصب أنها حال مؤكدة لعاملها. والتسخير في اللغة: التذليل. قوله تعالى: * (وما ذرأ لكم فى الا رض مختلفا ألوانه إن فى ذلك لآية لقوم يذكرون) *. * (وما ذرأ لكم فى الا رض مختلفا ألوانه إن فى ذلك لآية لقوم يذكرون * وهو الذى سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون * وألقى فى الا رض رواسى أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون * وعلامات وبالنجم هم يهتدون * أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون) * قوله: * (وما) * في محل نصب عطفا على قوله * (وسخر لكم اليل والنهار) * أي وسخر لكم ما ذرأ لكم في الأرض، أي ما خلق لكم فيها في حال كونه مختلفا ألوانه.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة امتنانه على خلقه بما سخر لهم مما خلق لهم في الأرض منبها على أن خلقه لما خلق لهم في الأرض مع ما فيه من النعم العظام فيه الدلالة الواضحة لمن يذكر ويتعظ على وحدانيته واستحقاقه لأن يعبد وحده. وكرر هذا المعنى في مواضع كثيرة، كقوله: * (هو الذى خلق لكم ما فى الا رض جميعا) *، وقوله: * (وسخر لكم ما فى السماوات وما فى الا رض جميعا منه) *، وقوله: * (والا رض وضعها للا نام فيها فاكهة والنخل ذات الا كمام والحب ذو العصف والريحان فبأى ءالاء ربكما تكذبان) *، وقوله: * (هو الذى جعل لكم الا رض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) *.
وأشار في هذه الآية الكريمة إلى أن اختلاف ألوان ما خلق في الأرض من الناس والدواب وغيرهما من أعظم الأدلة على أنه خالق كل شيء، وأنه الرب وحده، المستحق
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»