أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٤
رجزا من السماء بسبب فسقهم وذلك في قوله تعالى: * (ولما جآءت رسلنآ إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل هاذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها) *، وقوله: * (وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين إنا منزلون على أهل هاذه القرية رجزا من السمآء بما كانوا يفسقون) * وقوله: * (إلا ءال لوط إنا لمنجوهم أجمعين) * بين في هذه الآية الكريمة أنه استثنى آل لوط من ذلك العذاب النازل بقومه وأوضح هذا المعنى في آيات أخر كما تقدم في هود في قوله: * (قالوا يالوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من اليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك) * وقوله في العنكبوت: * (وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك) * وقوله * (فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين) * وقوله: * (فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا فى الغابرين) * وقوله: * (فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين) * إلى غير ذلك من الآيات. وما ذكر في هذه الآية الكريمة من استثناء امرأته من أهله الناجين في قوله: * (إلا امرأته قدرنآ إنها لمن الغابرين) *، أوضحه في هذه الآيات التي ذكرنا آنفا ونحوها من الآيات، وبين في الذاريات أنه أنجى من كان في قوم لوط من المؤمنين وأنهم لم يكن فيهم من المسلمين إلا بيت واحد وهم آل لوط وذلك في قوله * (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) *.
تنبيه في هذه الآية الكريمة دليل واضح لما حققه علماء الأصول من جواز الاستثناء من الاستثناء لأنه تعالى استثنى آل لوط من إهلاك المجرمين بقوله: * (إلا ءال لوط إنا لمنجوهم أجمعين) * ثم استثنى من هذا الاستثناء امرأة لوط بقوله: * (إلا امرأته قدرنآ إنها لمن الغابرين) * وبهذا تعلم أن قول ابن مالك في الخلاصة: * وحكمها في القصد حكم الأول ليس صحيحا على إطلاقه. وأوضح مسألة تعدد الاستثناء بأقسامها صاحب مراقي
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»