أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٢١٥
المذكورة ما تلوح عليه لوائح الكذب. كقصة الكف التي خرجت له أربع مرات، وفي ثلاث منهن لا يبالي بها، لأن ذلك على فرض صحته فيه أكبر زاجر لعوام الفساق. فما ظنك بخيار الأنبياءا مع أنا قدمنا دلالة القرآن على براءته من جهات متعددة، وأوضحنا أن الحقيقة لا تتعدى أحد أمرين:
إما أن يكون لم يقع منه هم بها أصلا، بناء على تعليق همه على عدم رؤية البرهان، وقد رأى البرهان.
وإما أن يكون همه الميل الطبيعي المزموم بالتقوى، والعلم عند الله تعالى.
واختلف العلماء في المراد بالسوء والفحشاء، اللذين ذكر الله في هذه الآية أنه صرفهما عن نبيه يوسف.
فروى ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر رضي الله عنه، في قوله: * (لنصرف عنه السوء والفحشآء إنه) * قال: الزنى. والثناء القبيح اه.
وقال بعض العلماء: السوء مقدمات الفاحشة، كالقبلة، والفاحشة الزنى.
وقيل: السوء جناية اليد، والفاحشة الزنى. وأظهر الأقوال في تقدير متعلق الكاف في قوله: * (كذالك لنصرف) *، أي فعلنا له ذلك من إراءة البرهان، كذلك الفعل * (لنصرف) * واللام لام كي.
وقوله: * (المخلصين) * قرأه نافع، وعاصم، وحمزة، والكسائي، بفتح اللام بصيغة اسم المفعول. وقرأه ابن عامر، وابن كثير، وأبو عمرو، بكسر اللام بصيغة اسم الفاعل والعلم عند الله تعالى اه. قوله تعالى: * (وشهد شاهد من أهلهآ إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم) *. يفهم من هذه الآية لزوم الحكم بالقرينة الواضحة الدالة على صدق أحد الخصمين، وكذب الآخر. لأن ذكر الله لهذه القصة في معرض تسليم الاستدلال بتلك القرينة على براءة يوسف يدل على أن الحكم بمثل ذلك حق وصواب. لأن كون القميص مشقوقا من جهة دبره دليل واضح على أنه هارب عنها، وهي تنوشه من خلفه، ولكنه تعالى بين في موضع آخر أن محل العمل بالقرينة ما لم تعارضها
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»