ويخرج الميت من الحى ومن يدبر الا مر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون) *، وكقوله: * (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون) *، وقوله: * (ولئن سألتهم من خلق السماوات والا رض ليقولن خلقهن العزيز العليم) *، وقوله: * (ولئن سألتهم من خلق السماوات والا رض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون) *، وقوله: * (ولئن سألتهم من نزل من السمآء مآء فأحيا به الا رض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون) *، وقوله: * (قل لمن الا رض ومن فيهآ إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون قل من بيده ملكوت كل شىء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون) * إلى غير ذلك من الآيات.
ومع هذا فإنهم قالوا: * (أجعل الا لهة إلاها واحدا إن هاذا لشىء عجاب * وانطلق الملأ منهم أن) *.
وهذه الآيات القرآنية تدل على أن توحيد الربوبية لا ينقذ من الكفر إلا إذا كان معه توحيد العبادة، أي عبادة الله وحده لا شريك له، ويدل لذلك قوله تعالى: * (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) *.
وفي هذه الآية الكريمة إشكال: وهو أن المقرر في علم البلاغة أن الحال قيد لعاملها وصف لصاحبها وعليه. فإن عامل هذه الجملة الحالية الذي هو يؤمن مقيد بها، فيصير المعنى تقييد إيمانهم بكونهم مشركين، وهو مشكل لما بين الإيمان والشرك من المنافاة.
قال مقيده عفا الله عنه:
لم أر من شفي الغليل في هذا الإشكال، والذي يظهر لي والله تعالى أعلم أن هذا الإيمان المقيد بحال الشرك إنما هو إيمان لغوي لا شرعي. لأن من يعبد مع الله غيره لا يصدق عليه اسم الإيمان البتة شرعا. أما الإيمان اللغوي فهو يشمل كل تصديق، فتصديق الكافر بأن الله هو الخالق الرازق يصدق عليه اسم الإيمان لغة مع كفره بالله، ولا يصدق عليه اسم الإيمان شرعا.
وإذا حققت ذلك علمت أن الإيمان اللغوي يجامع الشرك فلا إشكال في تقييده به، وكذلك الإسلام الموجود دون الإيمان في قوله تعالى: * (قل لم تؤمنوا ولاكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان فى قلوبكم) * فهو الإسلام اللغوي. لأن الإسلام الشرعي لا يوجد ممن لم يدخل الإيمان في قلبه، والعلم عند الله تعالى.