أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٤
أن يحاط بكم فلمآ ءاتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل * وقال يابنى لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة ومآ أغنى عنكم من الله من شىء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون * ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغنى عنهم من الله من شىء إلا حاجة فى نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولاكن أكثر الناس لا يعلمون * ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إنى أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون * فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية فى رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون * قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون * قالوا نفقد صواع الملك ولمن جآء به حمل بعير وأنا به زعيم * قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد فى الا رض وما كنا سارقين * قالوا فما جزآؤه إن كنتم كاذبين * قالوا جزؤه من وجد فى رحله فهو جزاؤه كذالك نجزى الظالمين * فبدأ بأوعيتهم قبل وعآء أخيه ثم استخرجها من وعآء أخيه كذالك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه فى دين الملك إلا أن يشآء الله نرفع درجات من نشآء وفوق كل ذى علم عليم * قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف فى نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون * قالوا ياأيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين * قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنآ إذا لظالمون * فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم فى يوسف فلن أبرح الا رض حتى يأذن لى أبى أو يحكم الله لى وهو خير الحاكمين * ارجعوا إلى أبيكم فقولوا ياأبانا إن ابنك سرق وما شهدنآ إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين * واسئل القرية التى كنا فيها والعير التى أقبلنا فيها وإنا لصادقون * قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتينى بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم * وتولى عنهم وقال ياأسفا على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم * قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين * قال إنمآ أشكو بثى وحزنى إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون * يابنى اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تايأسوا من روح الله إنه لا يايأس من روح الله إلا القوم الكافرون * فلما دخلوا عليه قالوا ياأيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينآ إن الله يجزى المتصدقين * قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون * قالوا أءنك لانت يوسف قال أنا يوسف وهاذا أخى قد من الله علينآ إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين * قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين * قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين * اذهبوا بقميصى هاذا فألقوه على وجه أبى يأت بصيرا وأتونى بأهلكم أجمعين * ولما فصلت العير قال أبوهم إنى لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون * قالوا تالله إنك لفى ضلالك القديم * فلمآ أن جآء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم إنى أعلم من الله ما لا تعلمون * قالوا ياأبانا استغفر لنا ذنوبنآ إنا كنا خاطئين * قال سوف أستغفر لكم ربى إنه هو الغفور الرحيم * فلما دخلوا على يوسف ءاوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شآء الله ءامنين * ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال ياأبت هاذا تأويل رؤياى من قبل قد جعلها ربى حقا وقد أحسن بى إذ أخرجنى من السجن وجآء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بينى وبين إخوتى إن ربى لطيف لما يشآء إنه هو العليم الحكيم * رب قد آتيتنى من الملك وعلمتنى من تأويل الا حاديث فاطر السماوات والا رض أنت ولى فى الدنيا والا خرة توفنى مسلما وألحقنى بالصالحين) * قوله تعالى: * (فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه فى غيابة الجب وأوحينآ إليه لتنبئنهم بأمرهم هاذا وهم لا يشعرون) *. أخبر الله تعالى في هذه الآية الكريمة أنه أوحى إلى يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أنه سينبىء إخوته بهذا الأمر الذي فعلوا به في حال كونهم لا يشعرون. ثم صرح في هذه السورة الكريمة بأنه جل وعلا أنجز ذلك الوعد في قوله: * (قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون) *.
وصرح بعدم شعورهم بأنه يوسف في قوله: * (وجآء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون) *.
وهذا الذي ذكرنا أن العامل في الجملة الحالية هو قوله: * (لتنبئنهم) * أي لتخبرنهم * (بأمرهم هاذا) * في حال كونهم * (لا يشعرون) * بأنك يوسف هو الظاهر.
وقيل: إن عامل الحال هو قوله: * (وأوحينآ إليه) * وعليه فالمعنى: أن ذلك الإيحاء وقع في حال كونهم لا يشعرون بأنه أوحى إليه ذلك.
وقرأ هذه الآية جمهور القراء * (غيابة الجب) * بالإفراد، وقرأ نافع (غيابات الجب) بصيغة الجمع، وكل شيء غيب عنك شيئا فهو غيابة، ومنه قيل للقبر
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 204 205 206 207 208 209 ... » »»