أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٢١٤
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن محمد بن كعب قال: رأى في البيت في ناحية الحائط مكتوبا * (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وسآء سبيلا) *. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه رضي الله عنه، قال: لما خلا يوسف وامرأة العزيز خرجت كف بلا جسد بينهما، مكتوب عليها بالعبرانية * (أفمن هو قآئم على كل نفس بما كسبت) *، ثم انصرفت الكف، وقاما مقامهما، ثم رجعت الكف مكتوبا عليها بالعبرانية * (وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون) *، ثم انصرفت الكف، وقاما مقامهما، فعادت الكف الثالثة مكتوبا عليها * (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وسآء سبيلا) * وانصرفت الكف، وقاما مقامهما، فعادت الكف الرابعة مكتوبا عليها بالعبرانية * (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) * فولى يوسف عليه السلام هاربا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: * (لولا أن رأى برهان ربه) * قال: آيات ربه، أرى تمثال الملك.
وأخرج أبو الشيخ، وأبو نعيم في الحلية، عن جعفر بن محمد رضي الله عنه، قال: لما دخل يوسف معها البيت وفي البيت صنم من ذهب قالت: كما أنت، حتى أغطى الصنم. فإني أستحي منه. فقال يوسف: هذه تستحي من الصنما أنا أحق أن أستحيي من الله؟ فكف عنها وتركها. اه من الدر المنثور في التفسير بالمأثور.
قال مقيده عفا الله عنه:
هذه الأقوال التي رأيت نسبتها إلى هؤلاء العلماء منقسمة إلى قسمين:
قسم لم يثبت نقله عمن نقله عنه بسند صحيح، وهذا لا إشكال في سقوطه.
وقسم ثبت عن بعض من ذكر، ومن ثبت عنه منهم شيء من ذلك، فالظاهر الغالب على الظن، المزاحم للقين: أنه إنما تلقاه عن الإسرائيليات. لأنه لا مجال للرأي فيه، ولم يرفع منه قليل ولا كثير إليه صلى الله عليه وسلم.
وبهذا تعلم أنه لا ينبغي التجرؤ على القول في نبي الله يوسف بأنه جلس بين رجلي كافرة أجنبية، يريد أن يزني بها. اعتمادا على مثل هذه الروايات. مع أن في الروايات
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»