أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٤
الطعام، إذا غاب فيه وهلك فيه، ولذلك تسمي العرب الدفن إضلالا. لأنه تغيب في الأرض يؤول إلى استهلاك عظام الميت فيها، لأنها تصير رميما وتمتزج بالأرض. ومنه بهذا المعنى قوله تعالى: * (وقالوا أءذا ضللنا فى الا رض) *.
ومن إطلاق الضلال على الغيبة قوله تعالى: * (قبلك فأخذناهم بالبأسآء والضرآء لعلهم) * أي غاب واضمحل.
ومن إطلاق الضلال على الدفن قول نابغة ذبيان: ومن إطلاق الضلال على الدفن قول نابغة ذبيان:
* فآب مضلوه بعين جلية * وغودر بالجولان حزم ونائل * فقوله: مضلوه، يعني دافنيه. وقوله: بعين جلية، أي بخبر يقين. والجولان: جبل دفن عنده المذكور.
ومن الضلال بمعنى الغيبة والاضمحلال قول الأخطل: ومن الضلال بمعنى الغيبة والاضمحلال قول الأخطل:
* كنت القذى في موج أكدر مزبد * قذف الأتى به فضل ضلالا * وقول الآخر: وقول الآخر:
* ألم تسأل فتخبرك الديار * عن الحي المضلل أين ساروا * * (فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه فى غيابة الجب وأوحينآ إليه لتنبئنهم بأمرهم هاذا وهم لا يشعرون * وجآءوا أباهم عشآء يبكون * قالوا ياأبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب ومآ أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين * وجآءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون * وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يابشرى هاذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون * وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين * وقال الذى اشتراه من مصر لامرأته أكرمى مثواه عسى أن ينفعنآ أو نتخذه ولدا وكذالك مكنا ليوسف فى الا رض ولنعلمه من تأويل الا حاديث والله غالب على أمره ولاكن أكثر الناس لا يعلمون * ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذالك نجزى المحسنين * وراودته التى هو فى بيتها عن نفسه وغلقت الا بواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربى أحسن مثواى إنه لا يفلح الظالمون * ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذالك لنصرف عنه السوء والفحشآء إنه من عبادنا المخلصين * واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزآء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم * قال هى راودتنى عن نفسى وشهد شاهد من أهلهآ إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين * وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين * فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم * يوسف أعرض عن هاذا واستغفرى لذنبك إنك كنت من الخاطئين * وقال نسوة فى المدينة امرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها فى ضلال مبين * فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكئا وءاتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هاذا بشرا إن هاذآ إلا ملك كريم * قالت فذالكن الذى لمتننى فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل مآ ءامره ليسجنن وليكونا من الصاغرين * قال رب السجن أحب إلى مما يدعوننى إليه وإلا تصرف عنى كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين * فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم * ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين * ودخل معه السجن فتيان قال أحدهمآ إنى أرانى أعصر خمرا وقال الآخر إنى أرانى أحمل فوق رأسى خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين * قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذالكما مما علمنى ربى إنى تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالا خرة هم كافرون * واتبعت ملة ءابآءي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنآ أن نشرك بالله من شىء ذالك من فضل الله علينا وعلى الناس ولاكن أكثر الناس لا يشكرون * ياصاحبى السجن ءأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار * ما تعبدون من دونه إلا أسمآء سميتموهآ أنتم وءابآؤكم مآ أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذالك الدين القيم ولاكن أكثر الناس لا يعلمون * ياصاحبى السجن أمآ أحدكما فيسقى ربه خمرا وأما الا خر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضى الا مر الذى فيه تستفتيان * وقال للذى ظن أنه ناج منهما اذكرنى عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث فى السجن بضع سنين * وقال الملك إنى أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات ياأيها الملأ أفتونى فى رؤياى إن كنتم للرؤيا تعبرون * قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الا حلام بعالمين * وقال الذى نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون * يوسف أيها الصديق أفتنا فى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلى أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون * قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه فى سنبله إلا قليلا مما تأكلون * ثم يأتى من بعد ذالك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون * ثم يأتى من بعد ذالك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون * وقال الملك ائتونى به فلما جآءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة الاتى قطعن أيديهن إن ربى بكيدهن عليم * قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأت العزيز اأن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين * ذالك ليعلم أنى لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدى كيد الخائنين * ومآ أبرىء نفسى إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى إن ربى غفور رحيم * وقال الملك ائتونى به أستخلصه لنفسى فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين * قال اجعلنى على خزآئن الا رض إنى حفيظ عليم * وكذالك مكنا ليوسف فى الا رض يتبوأ منها حيث يشآء نصيب برحمتنا من نشآء ولا نضيع أجر المحسنين * ولاجر الا خرة خير للذين ءامنوا وكانوا يتقون * وجآء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون * ولما جهزهم بجهازهم قال ائتونى بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أنى أوفى الكيل وأنا خير المنزلين * فإن لم تأتونى به فلا كيل لكم عندى ولا تقربون * قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون * وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم فى رحالهم لعلهم يعرفونهآ إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون * فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا ياأبانا منع منا الكيل فأرسل معنآ أخانا نكتل وإنا له لحافظون * قال هل آمنكم عليه إلا كمآ أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين * ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا ياأبانا ما نبغى هاذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذالك كيل يسير * قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتننى به إلا
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 204 205 206 207 208 ... » »»