الصريحة التي أجمع عليها المسلمون مبينة أن نصاب الفضة مائتا درهم شرعي بالوزن الذي كان معروفا في مكة. اه.
وكل سبعة مثاقيل فهي عشرة دراهم، فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس فيما دون خمس أواق صدقة) ورواه مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه. وقد أجمع جميع المسلمين، وجمهور أهل اللسان العربي، على أن الأوقية أربعون درهما، وما ذكره أبو عبيد وغيره، من أن الدرهم كان مجهولا قدره حتى جاء عبد الملك بن مروان، فجمع العلماء فجعلوا كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل لا يخفى سقوطه وأنه لا يمكن أن يكون نصاب الزكاة وقطع السرقة مجهولا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين رضي الله عنهم، حتى يحققه عبد الملك. والظاهر أن معنى ما نقل من ذلك: أنه لم يكن شيء منها من ضرب الإسلام، وكانت مختلفة الوزن بالنسبة إلى العدد: فعشرة مثلا وزن عشرة، وعشرة وزن ثمانية، فاتفق الرأي على أن تنقش بكتابة عربية ويصيرونها وزنا واحدا. وقد ذكرنا تحقيق وزن الدرهم في الأنعام، وقال بعض العلماء: يغتفر في نصاب الفضة النقص اليسير الذي تروج معه الدراهم رواج الكاملة.
وظاهر النصوص أنه لا زكاة إلا في نصاب كامل، لأن الناقص ولو بقليل يصدق عليه أنه دون خمس أواق، والنبي صلى الله عليه وسلم: صرح بأن ما دونها ليس فيه صدقة.
فإذا حققت النص والإجماع: على أن نصاب الفضة مائتا درهم شرعي، وهي وزن مائة وأربعين مثقالا من الفضة الخالصة، فاعلم أن القدر الواجب إخراجه منها ربع العشر بإجماع المسلمين، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وفي الرقة ربع العشر) والرقة: الفضة.
قال البخاري في صحيحه في باب (زكاة الغنم): حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري، قال: حدثني أبي، قال: حدثني ثمامة بن عبد الله بن أنس. أن أنسا حدثه، أن أبا بكر رضي الله عنه، كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين (بسم الله الرحمان الرحيم، هذه فريضة الصدقة، التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله) الحديث: وفيه. وفي الرقة: ربع العشر، وهو نص صريح صحيح