وأما السنة: فقد ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من صاحب ذهب، ولا فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه، ووجهه، وظهره، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضي بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار)، الحديث. هذا لفظ مسلم في صحيحه، وهو صريح في وجوب الحق في الذهب، كالفضة، وقد أجمع على ذلك جميع العلماء، وإذن يكون الحديث المذكور بيانا لشيء ثابت قطعا، وقد تقرر في الأصول أن البيان يجوز بما هو دون المبين دلالة وسندا، كما أوضحناه في ترجمة هذا الكتاب.
فتحصل أن نصاب الذهب عشرون مثقالا، وما زاد فبحسابه، وأن الواجب فيه ربع العشر، كالفضة، وأن الذهب والفضة ليس فيهما وقص، بل كل ما زاد على النصاب فبحسابه، خلافا لمن شذ فخالف في بعض ذلك، والعلم عند الله تعالى.
تنبيه يجب اعتبار الوزن في نصاب الفضة والذهب بالوزن الذي كان معروفا عند أهل مكة، كما يجب اعتبار الكيل في خمسة الأوسق التي هي نصاب الحبوب والثمار بالكيل الذي كان معروفا عند أهل المدينة.
قال النسائي في سننه في (كتاب الزكاة): أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن حنظلة، عن طاوس عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المكيال مكيال أهل المدينة، والوزن وزن أهل مكة).
وقال أبو داود في سننه في (كتاب البيوع والإجارات): حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا ابن دكين عن حنظلة، عن طاوس، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الوزن وزن أهل مكة، والمكيال مكيال أهل المدينة)، وقال النووي في (شرح المهذب): وأما حديث (الميزان ميزان أهل مكة) إلى آخره فرواه أبو داود، والنسائي بأسانيد صحيحة على شرط البخاري ومسلم من رواية ابن عمر، رضي الله عنهما.
وقال أبو داود: روي من رواية ابن عباس، رضي الله عنهما. اه.