على الحاجة التي لا بد منها، وقوله: (ليس فيما دون خمسة أوسق) الحديث، لأن صدقة نكرة في سياق النفي فهي تعم نفي كل صدقة.
وفي الآية أقوال أخر:
منها: أنها منسوخة بآيات الزكاة كقوله: * (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم) *.
وذكر البخاري هذا القول بالنسخ عن ابن عمر أيضا. وبه قال عمر بن عبد العزيز وعراك بن مالك. اه.
وعن علي أنه قال: أربعة آلاف فما دونها نفقة وما كان أكثر من ذلك فهو كنز، ومذهب أبي ذر رضي الله عنه في هذه الآية معروف، وهو أنه يحرم على الإنسان أن يدخر شيئا فاضلا عن نفقة عياله. اه ولا يخفى أن ادخار ما أديت حقوقه الواجبة لا بأس به، وهو كالضروري عند عامة المسلمين.
فإن قيل: ما الجواب عما رواه الإمام أحمد، عن علي رضي الله عنه، قال: مات رجل من أهل الصفة، وترك دينارين أو درهمين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كيتان صلوا على صاحبكم) اه. وما رواه قتادة عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة. صدى بن عجلان قال: مات رجل من أهل الصفة فوجد في مئزره دينار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كية) ثم توفي آخر فوجد في مئزره ديناران فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كيتان): وما روى عبد الرزاق وغيره عن علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تبا للذهب تبا للفضة يقولها ثلاثا فشق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: فأي مال نتخذ؟ فقال عمر رضي الله عنه: أنا أعلم لكم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إن أصحابك قد شق عليهم وقالوا: فأي المال نتخذ؟ فقال: (لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا وزوجة تعين أحدكم على دينه). ونحو ذلك من الأحاديث.
فالجواب والله تعالى أعلم أن هذا التغليظ كان أولا ثم نسخ بفرض الزكاة كما ذكره البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وقال ابن حجر في (فتح الباري): قال ابن عبد البر: وردت عن أبي ذر آثار كثيرة تدل على أنه كان يذهب إلى أن كل مال مجموع يفضل عن القوت وسداد العيش. فهو كنز يذم فاعله. وأن آية الوعيد نزلت في ذلك.
وخالفه جمهور الصحابة ومن بعدهم، وحملوا الوعيد على مانع الزكاة، إلى أن