أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ١٠١
ذلك ليس قياسيا وهو خلاف ما تقدم عن ابن هشام وغيره من أن ما كان لفظه مذكرا ومعناه مؤنثا أو بالعكس يجوز فيه وجهان أي: ولو لم يكن هناك مرجح للمعنى وهو خلاف ما تقدم عن (التسهيل). وشرحه أن العبرة بالمعنى فتأمل. اه منه.
وأما الاستدلال على أنها الحيضات بقوله تعالى: * (واللائي يئسن من المحيض) * فيقال فيه: إنه ليس في الآية ما يعين أن القروء الحيضات لأن الأقراء لا تقال في الأطهار إلا في الأطهار التي يتخللها حيض فإن عدم الحيض عدم معه اسم الأطهار ولا مانع إذن من ترتيب الاعتداد بالأشهر على عدم الحيض مع كون العدة بالطهر؛ لأن الطهر المراد يلزمه وجود الحيض وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم فاتفاء الحيض يلزمه انتفاء الأطهار فكأن العدة بالأشهر مرتبة أيضا على انتفاء الأطهار المدلول عله بانتفاء الحيض. وأما الاستدلال بآية: * (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) * فهو ظاهر السقوط؛ لأن كون القروء الأطهار لا يبيح المعتدة كتم الحيض؛ لأن العدة بالأطهار لا تمكن إلا بتخلل الحيض لها؛ فلو كتمت الحيض لكانت كاتمة انقضاء الطهر ولو ادعت حيضا لم يكن كانت كاتمة؛ لعدم انقضاء الطهر كما هو واضح.
وأما الاستدلال بحديث دعي الصلاة أيام أقرائك فيقال فيه: إنه لا دليل في الحديث البتة على محل النزاع؛ لأنه لا يفيد شيئا زائدا على أن القرء يطلق على الحيض وهذا مما لا نزاع فيه.
أما كونه يدل على منع إطلاق القرء في موضع آخر على الطهر فهذا باطل بلا نزاع ولا خلاف بين العلماء القائلين: بوقوع الاشتراك في: أن إطلاق المشترك على أحد معنييه في موضع لا يفهم منه منع إطلاقه على معناه الآخر في موضع آخر.
ألا ترى أن لفظ العين مشترك بين الباصرة والجارية مثلا فهل تقول إن إطلاقه تعالى لفظ العين على الباصرة في قوله: * (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين) * يمنع إطلاق العين في موضع آخر على الجارية كقوله: * (فيها عين جارية) *.
والحق الذي لا شك فيه أن المشترك يطلق على كل واحد من معنييه أو معانيه في الحال المناسبة لذلك والقرء في حديث: دعي الصلاة أيام أقرائك مناسب للحيض
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»