أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٩٨
؛ لأن مدار الخلاف هل القروء الحيضات أو الأطهار؟ وهذه الآية وهذا الحديث دلا على أنها الأطهار.
ولا يوجد قي كتاب الله ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم شئ يقاوم هذا الدليل لا من جهة الصحة ولا من جهة الصراحة في محل النزاع؛ لأنه حديث متفق عليه مذكور في معرض بيان معنى آية من كتاب الله تعالى.
وقد صرح فيه النبي صلى الله عليه وسلم بأن الطهر هو العدة مبينا أن ذلك هو مراد الله جل وعلا بقوله: * (فطلقوهن لعدتهن) * فالإشارة في قوله صلى الله عليه وسلم: فتلك العدة راجعة إلى حال الطهر الواقع فيه الطلاق؛ لأن معنى قوله فليطلقها طاهرا أي: في حال كونها طاهرا ثم بين أن ذلك الحال الذي هو الطهر هو العدة مصرحا بأن ذلك هو مراد الله في كتابه العزيز وهذا نص صريح في أن العدة بالطهر. وأنث بالإشارة لتأنيث الخبر ولا تخلص من هذا الدليل لمن يقول هي الحيضات إلا إذا قال العدة غير القروء والنزاع في خصوص القروء كما قال بهذا بعض العلماء.
وهذا القول يرده إجماع أهل العرف الشرعي وإجماع أهل اللسان العربي على أن عدة من تعتد بالقروء هي نفس القروء لا شئ آخر زائد على ذلك. وقد قال تعالى: * (وأحصوا العدة) * وهي زمن التربص إجماعا وذلك هو المعبر عنه بثلاثة قروء التي هي معمول قوله تعالى: * (يتربصن) * في هذه الآية فلا يصح لأحد أن يقول: إن على المطلقة التي تعتد بالأقراء شيئا يسمى العدة زائدا على ثلاثة القروء المذكورة في الآية الكريمة البتة كما هو معلوم.
وفي القاموس: وعدة المرأة أيام أقرائها وأيام إحدادها على الزوج وهو تصريح منه بأن العدة هي نفس القروء لا شئ زائد عليها وفي اللسان: وعدة المرأة أيام أقرائها وعدتها أيضا أيام إحدادها على بعلها وإمساكها عن الزينة شهورا كان أو أقراء أو وضع حمل حملته من زوجها.
فهذا بيان بالغ من الصحة والوضوح والصراحة في محل النزاع ما لا حاجة معه إلى كلام آخر. وتؤيده قرينة زيادة التاء في قوله: * (ثلاثة قروء) * لدلالتها على تذكير المعدود وهو الأطهار؛ لأنها مذكرة والحيضات مؤنثة.
وجواب بعض العلماء عن هذا بأن لفظ القرء مذكر ومسماه مؤنث وهو الحيضة
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»