* مورثة مالا وفي الحي رفعة * لما ضاع فيها من قروء نسائكا * ومعلوم أن القرء الذي يضيع على الغازي من نسائه هو الطهر دون الحيض وقد اختلف العلماء في المراد بالقروء في هذه الآية الكريمة هل هو الأطهار أو الحيضات؟
وسبب الخلاف اشتراك القرء بين الطهر والحيض كما ذكرنا وممن ذهب إلى أن المراد بالقرء في الآية الطهر مالك والشافعي وأم المؤمنين عائشة وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمر والفقهاء السبعة وأبان بن عثمان والزهري وعامة فقهاء المدينة وهو رواية عن أحمد وممن قال: بأن القروء الحيضات الخلفاء الراشدون الأربعة وابن مسعود وأبو موسى وعبادة بن الصامت وأبو الدرداء وابن عباس ومعاذ بن جبل وجماعة من التابعين وغيرهم وهو الرواية الصحيحة عن أحمد.
واحتج كل من الفريقين بكتاب وسنة وقد ذكرنا في ترجمة هذا الكتاب أننا في مثل ذلك نرجح ما يظهر لنا أن: دليله أرجح أما الذين قالوا القروء الحيضات فاحتجوا بأدلة كثيرة منها قوله تعالى: * (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن) * قالوا: فترتيب العدة بالأشهر على عدم الحيض يدل على أن أصل العدة بالحيض والأشهر بدل من الحيضات عند عدمها واستدلوا أيضا بقوله: * (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) *.
قالوا: هو الولد أو الحيض واحتجوا بحديث دعي الصلاة أيام أقرائك قالوا: إنه صلى الله عليه وسلم هو مبين الوحي وقد أطلق القرء على الحيض فدل ذلك على أنه المراد في الآية واستدلوا بحديث اعتداد الأمة بحيضتين وحديث استبرائها بحيضة.
وأما الذين قالوا: القروء الأطهار فاحتجوا بقوله تعالى: * (فطلقوهن لعدتهن) * قالوا: عدتهن المأمور بطلاقهن لها الطهر لا الحيض كما هو صريح الآية ويزيده إيضاحا قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر المتفق عليه: فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها فتلك العدة كما أمر الله قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم صرح في هذا الحديث المتفق عليه بأن الطهر هو العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء مبينا أن ذلك هو معنى قوله تعالى: * (فطلقوهن لعدتهن) * وهو نص من كتاب الله وسنة نبيه في محل النزاع.
قال مقيده عفا الله عنه الذي يظهر لي أن دليل هؤلاء هذا فصل في محل النزاع