أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٨٤
صريح في أن ذلك الهدي لم يبلغ محله ولو كان في الحرم لكان بالغا محله وروى يعقوب بن سفيان من طريق مجمع بن يعقوب عن أبيه قال: لما حبس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه نحروا بالحديبية وبعث الله ريحا فحملت شعورهم فألقتها في الحرم وعقده أحمد البدوي الشنقيطي في نظمه للمغازي في غزوة الحديبية بقوله: الرجز:
* ونحروا وحلقوا وحملت * شعورهم للبيت ريح قد غلت * قال ابن عبد البر في الاستذكار: فهذا يدل على أنهم نحروا في الحل وتعقبه ابن حجر في فتح الباري: بأنه يمكن أن يكونوا أرسلوا هديهم مع من ينحره في الحرم قال: وقد ورد في ذلك حديث ابن جندب ابن جندب الأسلمي قال: قلت: يا رسول الله ابعث معي الهدي حتى أنحره في الحرم. أخرجه النسائي من طريق إسرائيل عن مجزأة بن زاهر عن ناجية وأخرجه الطحاوي من وجه آخر عن إسرائيل لكن قال عن ناجية عن أبيه: لكن لا يلزم من وقوع هذا وجوبه بل ظاهر القصة أن أكثرهم نحر في مكانه وكانوا في الحل وذلك دال على الجواز والله أعلم انتهى كلام ابن حجر. وخالف في هذه المسألة أبو حنيفة رحمه الله الجمهور وقال: لا ينحر المحصر هديه إلا في الحرم فيلزمه أن يبعث به إلى الحرم فإذا بلغ الهدي محله حل وقال: إن الموضع الذي نحر فيه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الحديبية من طرف الحرم واستدل بقوله بعد هذه الآية: * (ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله) * ورد هذا الاستدلال بما قدمنا من أنه نحر في الحل وأن القرءان دل على ذلك وأن قوله: * (ولا تحلقوا رءوسكم) * معطوف على قوله: * (وأتموا الحج والعمرة لله) * لا على قوله: * (فما استيسر من الهدى) * أو أن المراد بمحله المحل الذي يجوز نحره فيه وذلك بالنسبة إلى المحصر حيث أحصر ولو كان في الحل.
قال مقيده عفا الله عنه: التحقيق في هذه المسألة هو التفصيل الذي ذهب إليه ابن عباس رضي الله عنهما وهو أنه إن استطاع إرسال الهدي إلى الحرم أرسله ولا يحل حتى يبلغ الهدي محله إذ لا وجه لنحر الهدي في الحل مع تيسر الحرم وإن كان لا يستطيع إرساله إلى الحرم نحره في المكان الذي أحصر فيه من الحل.
قال البخاري في (صحيحه) في باب من قال ليس على المحصر بدل ما نصه:
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»