أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٤٨٨
) * قوله تعالى: * (والملائكة باسطوا أيديهم) *.
لم يصرح هنا بالشئ الذي بسطوا إليه الأيدي ولكنه أشار إلى أنه التعذيب بقوله: * (أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون) * وصرح بذلك في قوله: * (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم) * وبين في مواضع أخر أنه يراد ببسط اليد التناول بالسوء كقوله: * (ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء) * وقوله: * (لئن بسطت إلى يدك لتقتلني) *.
قوله تعالى: * (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولنكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعآءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركوا) *.
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن الكفار يأتون يوم القيامة كل واحد منهم بمفرده ليس معهم شركاؤهم وصرح تعالى بأن كل واحد يأتي فردا في قوله: * (وكلهم آتية يوم القيامة فردا) * وقوله في هذه الآية * (كما خلقناكم أول مرة) * أي منفردين لا مال ولا أثاث ولا رقيق ولا خول عندكم حفاة عراة غرلا أي غير مختونين * (كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينآ إنا كنا فاعلين) * وقد عرفت من الآية أن واحد الفرادى فرد ويقال فيه أيضا: فرد بالتحريك ومنه قول نابغة ذبيان: البسيط:
* من وحش وجرة موشي أكارعه * طاوي المصير كسيف الصقيل الفرد * قوله تعالى: * (لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون) *.
ذكر في هذه الآية الكريمة: أن الأنداد التي كانوا يعبدونها في الدنيا تضل عنهم يوم القيامة وينقطع ما كان بينهم وبينها من الصلات في الدنيا وأوضح هذا المعنى في آيات كثيرة جدا كقوله * (وإذا حشر الناس كانوا لهم أعدآء وكانوا بعبادتهم كافرين) * وقوله * (كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا) * وقوله * (إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين) * وقوله * (أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون) * وقوله هنا * (وما نرى معكم شفعآءكم الذين زعمتم) *.
قوله تعالى: * (وجعل اليل سكنا) *.
أي مظلما ساجيا ليسكن فيه الخلق فيستريحوا من تعب الكد بالنهار كما بينه قوله تعالى: * (هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا) * وقوله * (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم اليل سرمدا إلى يوم القيامة من إلاه غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون قل أرءيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إلاه غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله) * وقوله * (لتسكنوا فيه) * يعني الليل * (ولتبتغوا من فضله) * يعني بالنهار * (ومن آياته اليل والنهار) *. * (الآية) * قوله تعالى: * (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر) *.
ظاهر هذه
(٤٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 ... » »»