أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٤٨٦
ومحتمل لأنه جازم بعدم ربوبية غير الله. ومراده هذا ربي في زعمكم الباطل أو أنه حذف أداة استفهام الإنكار والقرءان يبين بطلان الأول وصحة الثاني: أما بطلان الأول فالله تعالى نفي كون الشرك الماضي عن إبراهيم في قوله: * (وما كان من المشركين) * في عدة آيات ونفي الكون الماضي يستغرق جميع الزمن الماضي فثبت أنه لم يتقدم عليه شرك يوما ما.
وأما كونه جازما موقنا بعدم ربوبية غير الله فقد دل عليه ترتيب قوله تعالى: * (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هاذا ربى) * إلى آخره بالفاء على قوله تعالى: * (وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين) * فدل على أنه قال ذلك موقنا مناظرا ومحاجا لهم كما دل عليه قوله تعالى: * (وحآجه قومه) * وقوله: * (وتلك حجتنآ آتيناها إبراهيم على قومه) * والعلم عند الله تعالى. * () * قوله تعالى: * (الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) *.
المراد بالظلم هنا الشرك كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وقد بينه قوله تعالى: * (إن الشرك لظلم عظيم) * وقوله: * (والكافرون هم الظالمون) * قوله: * (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين) *. * () * قوله تعالى: * (وتلك حجتنآ ءاتينها إبراهيم الآية) *.
قال مجاهد وغيره هي قوله تعالى: * (وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن) * وقد صدقه الله وحكم له بالأمن والهداية فقال: * (الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون) *.
والظاهر شمولها لجميع احتجاجاته عليهم كما في قوله: * (لا أحب الآفلين) * (الأنعام: 67) لأن الأفول الواقع في الكوكب والشمس والقمر أكبر دليل وأوضح حجة على انتفاء الربوبية عنها وقد استدل إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام بالأفول على انتفاء الربوبية في قوله: * (لا أحب الآفلين) * فعدم إدخال هذه الحجة في قوله: * (وتلك حجتنآ) * غير ظاهر وبما ذكرنا من شمول الحجة لجميع احتجاجاته المذكورة صدر
(٤٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 ... » »»