أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٤٧٧
قوله تعالى: * (والموتى يبعثهم الله) *.
قال جمهور علماء التفسير: المراد بالموتى في هذه الآية: الكفار وتدل لذلك آيات من كتاب الله كقوله تعالى * (أو من كان ميتا فأحييناه الآية) * وقوله * (وما يستوى الاحيآء ولا الأموات) * وقوله: * (ومآ أنت بمسمع من في القبور) * إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: * (قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولاكن أكثرهم لا يعلمون) *.
ذكر في هذه الآية الكريمة: أنه قادر على تنزيل الآية التي اقترحها الكفار على رسوله وأشار لحكمة عدم إنزالها بقوله: * (ولاكن أكثرهم لا يعلمون) * وبين في موضع آخر أن حكمة عدم إنزالها أنها لو أنزلت ولم يؤمنوا بها لنزل بهم العذاب العاجل كما وقع بقوم صالح لما اقترحوا عليه إخراج ناقة عشراء وبراء جوفاء من صخرة صماء فأخرجها الله لهم منها بقدرته ومشيئته فعقروها * (وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنآ) * فأهلكهم الله دفعة واحدة بعذاب استئصال وذلك في قوله * (وما منعنآ أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) * وبين في مواضع أخر أنه لا داعي إلى ما اقترحوا من الآيات لأنه أنزل عليهم آية أعظم من جميع الآيات التي اقترحوها وغيرها وتلك الآية هي هذا القرآن العظيم. وذلك في قوله * (أولم يكفهم أنآ أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم) * فإنكاره جل وعلا عليهم عدم الاكتفاء بهذا الكتاب عن الآيات المقترحة يدل على أنه أعظم وأفخم من كل آية وهو كذلك ألا ترى أنه آية واضحة ومعجزة باهرة أعجزت جميع أهل الأرض وهي باقية تتردد في آذان الخلق غضة طرية حتى يأتي أمر الله. بخلاف غيره من معجزات الرسل صلوات الله عليهم وسلامه فإنها كلها مضت وانقضت. * (قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين * بل إياه تدعون الآية) *.
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن المشركين إذ أتاهم عذاب من الله أو أتتهم الساعة أخلصوا الدعاء الذي هو مخ العبادة لله وحده ونسوا ما كانوا يشركون به. لعلمهم أنه لا يكشف الكروب إلا الله وحده جل وعلا.
ولم يبين هنا نوع العذاب الدنيوي الذي يحملهم على الإخلاص لله ولم يبين هنا أيضا إذا كشف عنهم العذاب هل يستمرون على إخلاصهم أو يرجعون إلى كفرهم
(٤٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 ... » »»