القرطبي والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: * (ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون) *.
ذكر تعالى أن هؤلاء الأنبياء المذكورين في هذه السورة الكريمة لو أشركوا بالله لحبط جميع أعمالهم.
وصرح في موضع آخر بأنه أوحي هذا إلى نبينا والأنبياء قبله عليهم كلهم صلوات الله وسلامه وهو قوله: * (ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك) * وهذا شرط والشرط لا يقتضي جواز الوقوع كقوله: * (قل إن كان للرحمن ولد) * على القول بأن إن شرطية وقوله: * (لو أردنآ أن نتخذ لهوا) * وقوله * (لو أراد الله أن يتخذ والدا الآية) *.
قوله تعالى: * (ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله) *.
أي لا أحد أظلم ممن قال * (سأنزل مثل ما أنزل الله) * ونظيرها قوله تعالى: * (وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشآء لقلنا مثل هذا) * وقد بين الله تعالى كذبهم في افترائهم هذا حيث تحدى جميع العرب بسورة واحدة منه كما ذكره تعالى في البقرة بقوله: * (فأتوا بسورة من مثله) * وفي يونس بقوله: * (قل فأتوا بسورة مثله) * وتحداهم في هود بعشر سورة مثله في قوله: * (قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات) * وتحداهم به كله في الطور بقوله: * (فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين) *.
ثم صرح في سورة بني إسرائيل بعجز جميع الخلائق عن الإتيان بمثله في قوله: * (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هاذا القرءان لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) * فاتضح بطلان دعواهم الكاذبة. * (