أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٥١
هو الطهور ماؤه الحل ميتته وقد قدمنا ثبوت هذا الحديث وفيه التصريح من النبي صلى الله عليه وسلم بأن ميتة البحر حلال وهو فصل في محل النزاع. وقد تقرر في الأصول أن المفرد إذا أضيف إلى معرفة كان من صيغ العموم. كقوله: * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره) * وقوله: * (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) *.
وإليه أشار في مراقي السعود بقوله عاطفا على صيغ العموم: الرجز 00000000000:
* وما معرفا بأل قد وجدا * * أو بإضافة إلى معرف * إذا تحقق الخصوص قد نفى * وبه نعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم ميتته يعم بظاهره كل ميتة مما في البحر.
ومذهب الشافعي رحمه الله في هذه المسألة هو أن ما لا يعيش إلا في البحر فميتته حلال بلا خلاف سواء كان طافيا على الماء أم لا.
وأما الذي يعيش في البر من حيوان البحر فأصح الأقوال فيه وهو المنصوص عن الشافعي في الأم و مختصر المزني واختلاف العراقيين: أن ميتته كله حلال؛ للأدلة التي قدمنا آنفا ومقابله قولان:
أحدهما: منع ميتة البحري الذي يعيش في البر مطلقا.
الثاني: التفصيل بين ما يؤكل نظيره في البر كالبقرة والشاة فتباح ميتة البحري منه وبين ما لا يؤكل نظيره في البر كالخنزير والكلب فتحرم ميتة البحري منه ولا يخفى أن حجة الأول أظهر لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: الحل ميتته وقوله تعالى: * (وطعامه) * كما تقدم.
وأما مذهب الإمام أحمد رحمه الله فهو أن كل ما لا يعيش إلا في الماء فميتته حلال والطافي منه وغيره سواء وأما ما يعيش في البر من حيوان البحر فميتته عنده حرام فلا بد من ذكاته إلا ما لا دم فيه؛ كالسرطان فإنه يباح عنده من غير ذكاة. واحتج لعدم إباحة ميتة ما يعيش في البر؛ بأنه حيوان يعيش في البر له نفس سائلة فلم يبح بغير ذكاة كالطير.
وحمل الأدلة التي ذكرنا على خصوص ما لا يعيش إلا في البحر. اه.
وكلب الماء عنده إذا ذكي حلال ولا يخفى أن تخصيص الأدلة العامة يحتاج
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»