وأبو سلمة وعطاء وقتادة والثوري والأوزاعي وإسحاق وأبو ثور كما نقله عنهم ابن قدامة في (المغني) أن الجماعة تقتل بالواحد ورواه البيهقي عن عمر وعلي رضي الله عنهما أيضا ولم يعلم لهما مخالف في الصحابة فصار إجماعا سكوتيا واعترضه بعضهم بأن ابن الزبير ثبت عنه عدم قتل الجماعة بالواحدة كما قاله ابن المنذر.
وإذن فالخلاف واقع بين الصحابة والمقرر في الأصول أن الصحابة إذا اختلفوا لم يجز العمل بأحذ القولين إلا بترجيح.
قال مقيده عفا الله عنه: ويترجح مذهب الجمهور الذي هو قتل الجماعة بالواحد بأن الله تعالى قال: * (ولكم في القصاص حياة) * يعني أن من علم أنه يقتل إذا قتل يكون ذلك رادعا له وزاجرا عن القتل ولو كان الاثنان لا يقتص منهما للواحد لكان كل من أحب أن يقتل مسلما أخذ واحدا من أعوانه فقتله معه فلم يكن هناك رادع عن القتل وبذلك تضيع حكمة القصاص من أصلها مع أن المتمالئين على القتل يصدق على كل واحد منهم أنه قاتل فيقتل ويدل له أن الجماعة لو قذفوا واحدا لوجب حد القذف على جميعهم والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: * (وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه) *.
لم يبين هنا شيئا مما أنزل في الإنجيل الذي أمر أهل الإنجيل بالحكم به وبين في مواضع أخر أن من ذلك البشارة بمبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ووجوب اتباعه. والإيمان به كقوله: * (وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدى اسمه أحمد) * وقوله تعالى: * (الذين يتبعون الرسول النبي الأمى الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل) * إلى غير ذلك من الآيات.
لطيفة: لها مناسبة بهذه الآية الكريمة: ذكر بعض العلماء أن نصرانيا قال لعالم من علماء المسلمين: ناظرني في الإسلام والمسيحية أيهما أفضل؟ فقال العالم للنصراني: هلم إلى المناظرة في ذلك فقال النصراني: المتفق عليه أحق بالاتباع أم المختلف فيه؟ فقال العالم: المتفق عليه أحق بالاتباع من المختلف فيه. فقال النصراني: إذن يلزمكم اتباع عيسى معنا وترك اتباع محمد صلى الله عليه وسلم لأننا نحن وأنتم نتفق على نبوة عيسى ونخالفكم في نبوة محمد عليهما الصلاة والسلام فقال المسلم: أنتم الذين تمتنعون من