أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٤١٥
* (وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم الآية) *.
وهذه الأسياب لحلف المنافقين التي ذكرت في هذه الآيات راجعة جميعا إلى السبب الأول الذي هو الخوف. لأن خوفهم من المؤمنين هو سبب رغبتهم في إرضائهم وإعراضهم عنهم بأن لا يؤذوهم ولذا حلفوا لهم ليرضوهم وليعرضوا عنهم خوفا من أذاهم كما هو ظاهر.
تنبيه قوله في هذه الآية الكريمة: * (ويقول الذين ءامنوا أهؤلاء الذين أقسموا) * فيه ثلاث قراءات سبعيات.
الأولى: * (يقول) *: بلا واو مع الرفع وبها قرأ نافع وابن كثير وابن عامر.
الثانية: * (ويقول) * بإثبات الواو مع رفع الفعل أيضا وبها قرأ عاصم وحمزة والكسائي.
الثالثة: بإثبات الواو ونصب * (يقول) * عطفا على * (أن يأتي بالفتح) * وبها قرأ أبو عمرو.
* (يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين الآية) *. أخبر تعالى المؤمنين في هذه الآية الكريمة أنهم إن ارتد بعضهم فإن الله يأتي عوضا عن ذلك المرتد بقوم من صفاتهم الذل للمؤمنين والتواضع لهم ولين الجانب والقسوة والشدة على الكافرين وهذا من كمال صفات المؤمنين وبهذا أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم فأمره بلين الجانب للمؤمنين بقوله: * (واخفض جناحك للمؤمنين) * وقوله: * (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) * وأمره بالقسوة على غيرهم بقوله: * (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير) * وأثنى تعالى على نبيه باللين للمؤمنين في قوله: * (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) * وصرح بأن ذلك المذكور من اللين للمؤمنين والشدة على الكافرين من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم بقوله: * (محمد رسول الله والذين
(٤١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 ... » »»