بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب) * إلى غير ذلك من الآيات.
تنبيه إن قيل ما الفرق بين التوراة والقرءان فإن كلا منهما كلام الله أنزله على رسول من رسله صلوات الله وسلامه عليهم والتوراة حرفت وبدلت كما بيناه آنفا والقرءان محفوظ من التحريف والتبديل لو حرف منه أحد حرفا واحدا فأبدله بغيره أو زاد فيه حرفا أو نقص فيه آخر لرد عليه آلاف الأطفال من صغار المسلمين فضلا عن كبارهم.
فالجواب أن الله استحفظهم التوراة واستودعهم إياها فخانوا الأمانة ولم يحفظوها بل ضيعوها عمدا والقرءان العظيم لم يكل الله حفظه إلى أحد حتى يمكنه تضييعه بل تولى حفظه جل وعلا بنفسه الكريمة المقدسة كما أوضحه بقوله: * (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) * وقوله: * (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) * إلى غير ذلك من الآيات والباء في قوله: * (بما استحفظوا) * متعلقة بالرهبان والأحبار لأنهم إنما صاروا في تلك المرتبة بسبب ما استحفظوا من كتاب الله.
وقيل: متعلقة بيحكم) * والمعنى متقارب.
قوله تعالى: * (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) *.
اختلف العلماء في هذه الآية الكريمة: هل هي في المسلمين أو في الكفار فروي عن الشعبي أنها في المسلمين وروي عنه أنها في اليهود وروي عن طاوس أيضا أنها في المسلمين وأن المراد بالكفر فيها كفر دون كفر وأنه ليس الكفر المخرج من الملة وروي عن ابن عباس في هذه الآية أنه قال: ليس الكفر الذي تذهبون إليه رواه عنه ابن أبي حاتم والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه قاله ابن كثير.
قال بعض العلماء: القرءان العظيم يدل على أنها في اليهود لأنه تعالى ذكر فيما قبلها أنهم * (يحرفون الكلم من بعد مواضعه) * وأنهم يقولون * (إن أوتيتم هاذا) * يعني الحكم المحرف الذي هو غير حكم الله * (فخذوه وإن لم تؤتوه) * أي المحرف بل أوتيتم حكم الله الحق * (فاحذروا) * فهم يأمرون بالحذر من حكم الله الذي يعلمون أنه حق.