أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٣٥٩
وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه.
وأخرجا في صحيحيهما أيضا من حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فصلى بالناس. فإذا هو برجل معتزل فقال: ما منعك أن تصلي؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء قال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك.
والأحاديث في الباب كثيرة.
* * المسألة الثانية: اختلف العلماء هل تكفي للتيمم ضربة واحدة أو لا؟ فقال جماعة: تكفي ضربة واحدة للكفين والوجه وممن ذهب إلى ذلك الإمام أحمد وعطاء ومكحول والأوزاعي وإسحاق ونقله ابن المنذر عن جمهور العلماء واختاره وهو قول عامة أهل الحديث ودليله حديث عمار المتفق عليه المتقدم آنفا.
وذهب أكثر الفقهاء إلى أنه لا بد من ضربتين: إحداهما للوجه والأخرى للكفين ومنهم من قال بوجوب الثانية ومنهم من قال بسنيتها كمالك وذهب ابن المسيب وابن شهاب وابن سيرين إلى أن الواجب ثلاث ضربات: ضربة للوجه وضربة لليدين وضربة للذراعين.
قال مقيده عفا الله عنه: الظاهر من جهة الدليل الاكتفاء بضربة واحدة. لأنه لم يصح من أحاديث الباب شيء مرفوعا إلا حديث عمار المتقدم وحديث أبي جهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه السلام أخرجه البخاري موصولا ومسلم تعليقا وليس في واحد منهما ما يدل على أنهما ضربتان كما رأيت وقد دل حديث عمار أنها واحدة.
* * المسألة الثالثة: هل يلزم في التيمم مسح غير الكفين؟ اختلف العلماء في ذلك فأوجب بعضهم المسح في التيمم إلى المرفقين وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما والثوري وابن أبي سلمة والليث كلهم يرون بلوغ التيمم بالمرفقين فرضا واجبا وبه قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم وابن نافع وإليه ذهب إسماعيل القاضي.
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»