: * (فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن) * (2232) فالمراد بالبلوغ الأول مقاربته وبالثاني حقيقة انقضاء الأجل.
وأما الاستدلال على الاشتراك بحديث ابن عباس المتفق عليه أنه صلى الله عليه وسلم جمع بالمدينة من غير خوف ولا سفر فيجاب عنه بأنه يتعين حمله على الجمع الصوري جمعا بين الأدلة وهو أنه صلى الظهر في آخر وقتها حين لم يبق من وقتها إلا قدر ما تصلى فيه وعند الفراغ منها دخل وقت العصر فصلاها في أوله ومن صلى الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها كانت صورة صلاته صورة الجمع وليس ثم جمع في الحقيقة؛ لأنه أدى كلا من الصلاتين في وقتها المعين لها كما هو ظاهر وستأتي له زيادة إيضاح إن شاء الله.
وأما الاستدلال بأن الصلوات زيد فيها على بيان جبريل فهو ظاهر السقوط؛ لأن توقيت العبادات توقيفي بلا نزاع والزيادة في الأوقات المذكورة ثبتت بالنصوص الشرعية.
وأما صلاة العصر فقد دلت نصوص السنة على أن لها وقتا اختياريا ووقتا ضروريا أما وقتها الاختياري فأوله عندما يكون ظل كل شئ مثله من غير اعتبار ظل الزوال ويدخل وقتها بانتهاء وقت الظهر المتقدم بيانه ففي حديث ابن عباس المتقدم: فصلى العصر حين صار ظل كل شئ مثله.
وفي حديث جابر المتقدم أيضا: فصلى العصر حين صار ظل كل شئ مثله وهذا هو التحقيق في أول وقت العصر كما صرحت به الأحاديث المذكورة وغيرها.
وقال الشافعي: أول وقت العصر إذا صار ظل كل شئ مثله وزاد أدنى زيادة.
قال مقيده عفا الله عنه: إن كان مراد الشافعي أن الزيادة لتحقيق بيان انتهاء الظل إلى المثل إذ لا يتيقن ذلك إلا بزيادة ما كما قال به بعض الشافعية فهو موافق لما عليه الجمهور لا مخالف له وإن كان مراده غير ذلك فهو مردود بالنصوص المصرحة بأن أول وقت العصر عندما يكون ظل الشئ مثله من غير حاجة إلى زيادة مع أن الظاهر إمكان تحقيق كون ظل الشئ مثله من غير احتياج إلى زيادة ما. وشذ أبو حنيفة رحمه الله من بين عامة العلماء فقال: يبقى وقت الظهر حتى يصير الظل مثلين فإذا زاد على ذلك يسيرا كان أول وقت العصر.