أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٢٧٩
قال مقيده عفا الله عنه: الذي يظهر لي والله تعالى أعلم أن أحسن ما يعتذر به عن عثمان وعائشة في الإتمام في السفر أنهما فهما من بعض النصوص أن القصر في السفر رخصة كما ثبت في صحيح مسلم أنه صدقة تصدق الله بها. اه. وأنه لا بأس بالإتمام لمن لا يشق عليه ذلك كالصوم في السفر ويدل لذلك ما رواه هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أنها كانت تصلي أربعا قال: فقلت لها: لو صليت ركعتين فقالت: يا ابن أختي إنه لا يشق علي وهذا أصرح شئ عنها في تعيين ما تأولت به والله أعلم.
الفرع السادس: لا يجوز للمسافر في معصية القصر؛ لأن الترخيص له والتخفيف عليه إعانة له على معصيته ويستدل لهذا بقوله تعالى: * (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم) * فشرط في الترخيص بالاضطرار إلى أكل الميتة كونه غير متجانف لإثم ويفهم من مفهوم مخالفته أن المتجانف لإثم لا رخصة له والعاصي بسفره متجانف لإثم والضرورة أشد في اضطرار المخمصة منها في التخفيف بقصر الصلاة ومنع ما كانت الضرورة إليه ألجأ بالتجانيف للإثم يدل على منعه به فيما دونه من باب أولى وهذا النوع من مفهوم المخالفة من دلالة اللفظ عند الجمهور لا من القياس خلافا للشافعي وقوم كما بيناه مرارا في هذا الكتاب وهو المعروف بإلغاء الفارق وتنقيح المناط ويسميه الشافعي القياس في معنى الأصل وبهذا قال مالك والشافعي وأحمد وخالف في هذه المسألة أبو حنيفة رحمه الله فقال: يقصر العاصي بسفره كغيره لإطلاق النصوص؛ ولأن السفر الذي هو مناط القصر ليس معصية بعينه وبه قال الثوري والأوزاعي والقول الأول أظهر عندي والله تعالى أعلم. * (قوله تعالى إن الصلواة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ذكر في هذه الآية الكريمة أن الصلاة كانت ولم تزل على المؤمنين كتابا أي: شيئا مكتوبا عليهم واجبا حتما موقوتا أي: له أوقات يجب بدخولها ولم يشر هنا إلى تلك الأوقات ولكنه أشار لها في مواضع أخر كقوله: * (أقم الصلواة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرءان الفجر إن قرءان الفجر كان مشهودا) * فأشار بقوله: * (لدلوك الشمس) * وهو زوالها عن كبد السماء على التحقيق إلى صلاة الظهر والعصر؛ وأشار بقوله: * (إلى غسق الليل) * وهو ظلامه إلى صلاة المغرب والعشاء؛ وأشار بقوله
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»