أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٢٨٥
منها والقائل يقول: احمرت الشمس وروى الإمام أحمد ومسلم وأصحاب السنن الأربع نحوه من حديث بريدة الأسلمي وفي حديث عبد الله بن عمر وعند مسلم ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس ويسقط قرنها الأول.
وفي حديث أبي هريرة المتفق عليه: ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر.
والظاهر في وجه الجمع بين هذه الروايات في تحديد آخر وقت العصر أن مصير ظل الشئ مثليه هو وقت تغيير الشمس من البياض والنقاء إلى الصفرة فيؤول معنى الروايتين إلى شئ واحد كما قاله بعض المالكية.
وقال ابن قدامة في المغني: أجمع العلماء على أن من صلى العصر والشمس بيضاء نقية فقد صلاها في وقتها وفي هذا دليل على أن مراعاة المثلين عندهم استحباب ولعلهما متقاربان يوجد أحدهما قريبا من الآخر. اه. منه بلفظه. وهذا هو انتهاء وقتها الاختياري.
وأما الروايات الدالة على امتداد وقتها إلى الغروب فهي في حق أهل الأعذاء كحائض تطهر وكافر يسلم وصبي يبلغ ومجنون يفيق ونائم يستيقظ ومريض يبرأ ويدل لهذا الجمع ما رواه الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله إلا قليلا. ففي الحديث دليل على عدم جواز تأخير صلاة العصر إلى الاصفرار فما بعده بلا عذر وأول وقت صلاة المغرب غروب الشمس أي: غيبوبة قرصها بإجماع المسلمين وفي حديث جابر وابن عباس في إمامة جبريل: فصلى المغرب حين وجبت الشمس وفي حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب. أخرجه الشيخان والإمام أحمد وأصحاب السنن الأربع إلا النسائي والأحاديث بذلك كثيرة واختلف في آخر وقتها أعني المغرب فقال بعض العلماء: ليس لها إلا وقت واحد وهو قدر ما تصلى فيه أول وقتها مع مراعاة الإتيان بشروطها وبه قال الشافعي: وهو مشهور مذهب مالك وحجة أهل هذا القول أن جبريل صلاها بالنبي صلى الله عليه وسلم في الليلة الثانية في وقت صلاته لها في الأولى قالوا: فلو كان لها وقت آخر لأخرها في الثانية إليه كما فعل في جميع الصلوات غيرها.
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»