وأجابوا عن كونه صلى الله عليه وسلم لم يصلها يوم الخندق بأن ذلك كان قبل نزول صلاة الخوف كما رواه النسائي وابن حبان والشافعي وبه تعلم عدم صحة قول من قال: إن غزوة ذات الرقاع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف كانت قبل الخندق وأجابوا عن كونه لم يصلها إلا في السفر بأن السفر بالنسبة إلى صلاة الخوف وصف طردي وعلتها هي الخوف لا السفر فمتى وجد الخوف وجد حكمها كما هو ظاهر.
نكتة فإن قيل: لم لا تكون كل هيئة من هيئات صلاة الخوف ناسخة للتي قبلها؛ لأنهم كانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث فالجواب من وجهين:
الأول: هو ما تقدم من أن العدو تارة يكونون إلى جهة القبلة وتارة إلى غير جهتها إلى آخر ما تقدم وكل حالة تفعل فيها الهيئة المناسبة لها كما هو ظاهر.
الثاني: هو ما حققه بعض الأصوليين كابن الحاجب والرهوني وغيرهما من أن الأفعال لا تعارض بينها أصلا إذ الفعل لا يقع في الخارج إلا شخصيا لا كليا حتى ينافي فعلا آخر فليس للفعل الواقع قدر مشترك بينه وبين غيره فيجوز أن يقع الفعل واجبا في وقت وفي وقت آخر بخلافه وإذن فلا مانع من جواز الفعلين المختلفين في الهيئة لعبادة واحدة وعقده في مراقي السعود بقوله: الرجز:
* ولم يكن تعارض الأفعال * في كل حالة من الأحوال * وما ذكره المحلي من دلالة الفعل على الجواز المستمر دون القول بحث فيه صاحب (نشر البنود) في شرح البيت المتقدم آنفا والعلم عند الله تعالى وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (أن يفتنكم الذين كفروا) * معناه: ينالونكم بسوء فروع تتعلق بهذه الآية الكريمة على القول بأنها في قصر الرباعية كما يفهم من حديث يعلى بن أمية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم عند مسلم وأحمد وأصحاب السنن كما تقدم.
الفرع الأول: أجمع العلماء على مشروعية قصر الرباعية في السفر خلافا لمن شذ وقال: لا قصر إلا في حج أو عمرة ومن قال: لا قصر إلا في خوف ومن قال: لا قصر إلا في سفر طاعة خاصة فإنها أقوال لا معول عليها عند أهل العلم واختلف