ثم انصرفوا وقاموا في مقام أصحابهم مقبلين على العدو وجاء أولئك ثم صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعة ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم ثم قضى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة.
وهذا لفظ مسلم ولفظ البخاري بمعناه ولم تختلف الطرق عن ابن عمر في هذا وظاهره أنهم أتموا لأنفسهم في حالة واحدة ويحتمل أنهم أتموا على التعاقب وهو الراجح من حيث المعنى؛ لأن إتمامهم في حالة واحدة يستلزم تضييع الحراسة المطلوبة وإفراد الإمام وحده ويرجحه ما رواه أبو داود من حديث ابن مسعود ولفظه: ثم سلم فقام هؤلاء أي: الطائفة الثانية فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا ثم ذهبوا ورجع أولئك إلى مقامهم فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا. وظاهره أن الطائفة الثانية والت بين ركعتيها ثم أتمت الطائفة الأولى بعدها واعلم أن ما ذكره الرافعي وغيره من كتب الفقه من أن في حديث ابن عمر هذا أن الطائفة الثانية تأخرت وجاءت الطائفة الأولى فأتموا ركعة ثم تأخروا وعادت الطائفة الثانية فأتموا مخالف للروايات الثابتة في الصحيحين وغيرهما.
وقال ابن حجر في (الفتح): إنه لم يقف عليه في شئ من الطرق وأما الإمام أحمد رحمه الله فإن جميع أنواع صلاة الخوف الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم جائزة عنده والمختار منها عنده صلاة ذات الرقاع التي قدمنا اختيار الشافعي لها أيضا وهي أن يصلي الإمام بالطائفة الأولى ركعة ثم يتمون لأنفسهم ويسلمون ويذهبون إلى وجوه العدو؛ ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم الركعة الأخرى ثم يصلون ركعة فإذا أتموها وتشهدوا سلم بهم.
وأما الإمام أبو حنيفة رحمه الله فالمختار منها عنده أن الإمام يصلي بالطائفة الأولى ركعة إن كان مسافرا أو كانت صبحا مثلا واثنتين إن كان مقيما ثم تذهب هذه الطائفة الأولى إلى وجوه العدو ثم تجىء الطائفة الأخرى ويصلي بهم ما بقي من الصلاة ويسلم وتذهب هذه الطائفة الأخيرة إلى وجوه العدو وتجىء الطائفة الأولى وتتم بقية صلاتها بلا قراءة؛ لأنهم لاحقون ثم يذهبون إلى وجوه العدو وتجىء الطائفة الأخرى فيتمون بقية صلاتهم بقراءة؛ لأنهم مسبوقون واحتجوا لهذه الكيفية بحديث ابن عمر المتقدم وقد قدمنا أن هذه الكيفية ليست في رواية الصحيحين وغيرهما لحديث ابن عمر.
وقد قدمنا أيضا من حديث ابن مسعود عند أبي داود أن الطائفة الأخرى لما صلوا