أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٢٤٢
* (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل * الآية ذكر في هذه الآية الكريمة أن الذين أوتوا نصيبا من الكتاب مع اشترائهم الضلالة يريدون إضلال المسلمين أيضا.
وذكر في موضع آخر أنهم كثير وأنهم يتمنون ردة المسلمين وأن السبب الحامل لهم على ذلك إنما هو الحسد وأنهم ما صدر منهم ذلك إلا بعد معرفتهم الحق وهو قوله تعالى: * (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق) *.
وذكر في موضع آخر أن هذا الإضلال الذي يتمنونه للمسلمين لا يقع من المسلمين وإنما يقع منهم أعني المتمنين الضلال للمسلمين وهو قوله: * (ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون) *. * (قوله تعالى أو نلعنهم كما لعنآ أصحاب السبت لم يبين هنا كيفية لعنه لأصحاب السبت ولكنه بين في غير هذا الموضع أن لعنه لهم هو مسخهم قردة ومن مسخه الله قردا غضبا عليه ملعون بلا شك وذلك قوله تعالى: * (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين) * وقوله: * (فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين) * والاستدلال على مغايرة اللعن للمسخ بعطفه عليه في قوله: * (قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير) * لا يفيد أكثر من مغايرته للمسخ في تلك الآية كما قاله الألوسي في تفسيره وهو ظاهر واللعنة في اللغة: الطرد والإبعاد والرجل الذي طرده قومه وأبعدوه لجناياته تقول له العرب رجل لعين ومنه قول الشاعر الوافر:
* ذعرت به القطا ونفيت عنه * مقام الذئب كالرجل اللعين * وفي اصطلاح الشرع: اللعنة: الطرد والإبعاد عن رحمة الله ومعلوم أن المسخ من أكبر أنواع الطرد والإبعاد. * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»