أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٢٣٩
كفار العرب وهم عبدة أوثان ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرم وطأهن بالملك لكفرهن ولو كان حراما لبينه بل قال صلى الله عليه وسلم: لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة ولم يقل حتى يسلمن ولو كان ذلك شرطا لقاله وقد أخذ الصحابة سبايا فارس وهن مجوس ولم ينقل أنهم اجتنبوهن حتى أسلمن.
قال ابن القيم في زاد المعاد ما نصه: ودل هذا القضاء النبوي على جواز وطء الإماء الوثنيات بملك اليمين فإن سبايا أوطاس لم يكن كتابيات ولم يشترط رسول الله صلى الله عليه وسلم في وطئهن إسلامهن ولم يجعل المانع منه إلا الاستبراء فقط وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع مع أنهم حديثو عهد بالإسلام ويخفى عليهم حكم هذه المسألة وحصول الإسلام من جميع السبايا وكن عدة آلاف بحيث لم يتخلف منهن عن الإسلام جارية واحدة مما يعلم أنه في غاية البعد فإنهن لم يكرهن على الإسلام ولم يكن لهن من البصيرة والرغبة والمحبة في الإسلام ما يقتضي مبادرتهن إليه جميعا فمقتضى السنة وعمل الصحابة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده جواز وطء المملوكات على أي دين كن وهذا مذهب طاوس وغيره وقواه صاحب المغني فيه ورجح أدلته وبالله التوفيق. اه كلام ابن القيم بلفظه وهو واضح جدا.
* (فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) * لم يبين هنا هذا العذاب الذي على المحصنات وهن الحرائر الذي نصفه على الإماء ولكنه بين في موضع آخر أنه جلد مائة بقوله: * (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) * فيعلم منه أن على الأمة الزانية خمسين جلدة ويلحق بها العبد الزاني فيجلد خمسين فعموم الزانية مخصوص بنص قوله تعالى: * (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) * وعموم الزاني مخصوص بالقياس على المنصوص؛ لأنه لا فارق البتة بين الحرة والأمة إلا الرق فعلم أنه سبب تشطير الجلد فأجرى في العبد لاتصافه بالرق الذي هو مناط تشطير الجلد وهذه الآية عند الأصوليين من أمثلة تخصيص عموم النص بالقياس بناء على أن نوع تنقيح المناط المعروف بإلغاء الفارق يسمى قياسا والخلاف في كونه قياسا معروف في الأصول. أما الرجم فمعلوم أنه لا يتشطر فلم يدخل في المراد بالآية.
تنبيه قد علمت مما تقدم أن التحقيق في معنى أحصن أن المراد به تزوجن وذلك هو
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»