أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ١٤٦
أكره الكفر في الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة فإن قوله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة فيه دليل على أن العوض مبذول في الطلاق الذي هو من حق الزوج وقول البخاري عقب سوقه للحديث المذكور.
قال أبو عبد الله: لا يتابع فيه عن ابن عباس لا يسقط الاحتجاج به؛ لأن مراده أن أزهر بن جميل لا يتابعه غيره في ذكر ابن عباس في هذا الحديث بل أرسله غيره ومراده بذلك: خصوص طريق خالد الحذاء عن عكرمة ولهذا عقبه برواية خالد وهو ابن عبد الله الطحان عن خالد وهو الحذاء عن عكرمة مرسلا ثم برواية إبراهيم بن طهمان عن خالد الحذاء مرسلا وعن أيوب موصولا. ورواية إبراهيم بن طهمان عن أيوب الموصولة وصلها الإسماعيلي قاله الحافظ في الفتح فظهر اعتضاد الطرق المرسلة بعضها ببعض وبالطرق الموصولة.
وقوله في رواية إبراهيم بن طهمان عن أيوب الموصولة وأمره ففارقها يظهر فيها أن مراده بالفراق الطلاق في مقابلة العوض؛ بدليل التصريح في الرواية الأخرى بذكر التطليقة والروايات بعضها يفسر بعضا كما هو معلوم في علوم الحديث.
وما ذكره بعض العلماء من أن المخالع إذا صرح بلفظ الطلاق لا يكون طلاقا وإنما يكون فسخا فهو بعيد ولا دليل عليه. والكتاب والسنة يدلان على أن المفارقة بلفظ الطلاق طلاق لا فسخ. والاستدلال على أنه فسخ بإيجاب حيضة واحدة في عدة المختلعة فيه أمران:
أحدهما: ما ذكرنا آنفا من أن أكثر أهل العلم على أن المختلعة تعتد عدة المطلقة ثلاثة قروء.
الثاني: أنه لا ملازمة بين الفسخ والاعتداد بحيضة ومما يوضح ذلك أن الإمام أحمد وهو رحمه الله تعالى يقول في أشهر الروايتين عنه: إن الخلع فسخ لا طلاق ويقول في أشهر الروايتين عنه أيضا: إن عدة المختلعة ثلاثة قروء كالمطلقة فظهر عدم الملازمة عنده فإن قيل هذا الذي ذكرتم يدل على أن المخالع إذا صرح بلفظ الطلاق كان طلاقا ولكن إذا لم يصرح بالطلاق في الخلع فلا يكون الخلع طلاقا فالجواب: أن مرادنا بالاستدلال بقوله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة: أن الطلاق المأمور به
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»