الجواب للسؤال.
وقد تقرر في الأصول أن من موانع اعتبار دليل الخطاب أعني مفهوم المخالفة كون الكلام واردا جوابا لسؤال؛ لأن تخصيص المنطوق بالذكر لمطابقة السؤال فلا يتعين كونه لإخراج حكم المفهوم عن المنطوق. وأشار إليه في مراقي السعود في ذكر موانع اعتبار مفهوم المخالفة بقوله: الرجز:
* أو جهل الحكم أو النطق انجلب * للسؤل أو جرى على الذي غلب * ومحل الشاهد منه قوله: أو النطق انجلب للسؤل.
وقد قدمنا أن رواية أبي داود المذكورة عن أيوب السختياني عن غير واحد عن طاوس وهو صريح في أن من روى عنهم أيوب مجهولون ومن لم يعرف من هو لا يصح الحكم بروايته ولذا قال النووي في شرح مسلم ما نصه: وأما هذه الرواية التي لأبي داود فضعيفة رواها أيوب عن قوم مجهولين عن طاوس عن ابن عباس فلا يحتج بها والله أعلم انتهى منه بلفظه. وقال المنذري في مختصر سنن أبي داود بعد أن ساق الحديث المذكور ما نصه: الرواة عن طاوس مجاهيل انتهى منه بلفظه وضعف رواية أبي داود هذه ظاهر كما ترى للجهل بمن روى عن طاوس فيها وقال ابن القيم في زاد المعاد بعد أن ساق لفظ هذه الرواية ما نصه: وهذا لفظ الحديث وهو بأصح إسناد انتهى محل الغرض منه بلفظه فانظره مع ما تقدم. هذا ملخص كلام العلماء في هذه المسألة مع ما فيها من النصوص الشرعية.
قال مقيده عفا الله عنه الذي يظهر لنا صوابه في هذه المسألة هو ما ذهب إليه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى وهو أن الحق فيها دائر بين أمرين:
أحدهما: أن يكون المراد بحديث طاوس المذكور كون الثلاث المذكورة ليست بلفظ واحد.
الثاني: أنه إن كان معناه أنها بلفظ واحد فإن ذلك منسوخ ولم يشتهر العلم بنسخه بين الصحابة إلا في زمان عمر كما وقع نظيره في نكاح المتعة.
أما الشافعي فقد نقل عنه البيهقي في السنن الكبرى ما نصه: فإن كان معنى قول ابن عباس إن الثلاث كانت تحسب على عهد النبي صلى الله عليه وسلم واحدة يعني أنه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فالذي يشبه والله أعلم أن يكون ابن عباس قد علم أن كان شئ