.
وقد عرفت أن لفظ رواية أبي داود موافق للفظ عائشة الثابت في الصحيح الذي جزم فيه ابن القيم بأنه لا يدل على أن الثلاث بفم واحد بل دلالته على أنها بألفاظ متفرقة متعينة في جميع لغات الأمم ويؤيده أن البيهقي في السنن الكبرى قال ما نصه: وذهب أبو يحيى الساجي إلى أن معناه إذا قال للبكر: أنت طالق أنت طالق أنت طالق. كانت واحدة فغلظ عليهم عمر رضي الله عنه فجعلها ثلاثا قال الشيخ ورواية أيوب السختياني تدل على صحة هذا التأويل اه منه بلفظه.
ورواية أيوب المذكورة هي التي أخرجها أبو داود وهي المطابق لفظها حديث عائشة الذي جزم فيه ابن القيم بأنه لا يدل إلا على أن الطلقات المذكورة ليست بفم واحد بل واقعة مرة بعد مرة وهي واضحة جدا فيما ذكرنا ويؤيده أيضا أن البيهقي نقل عن ابن عباس ما يدل على أنها إن كانت بألفاظ متتابعة فهي واحدة وإن كانت بلفظ واحد فهي ثلاث وهو صريح في محل النزاع مبين أن الثلاث التي تكون واحدة هي المسرودة بألفاظ متعددة؛ لأنها تأكيد للصيغة الأولى.
ففي السنن الكبرى للبيهقي ما نصه: قال الشيخ: ويشبه أن يكون أراد إذا طلقها ثلاثا تترى روى جابر بن يزيد عن الشعبي عن ابن عباس رضي الله عنهما في رجل طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها قال عقدة كانت بيده أرسلها جميعا. وإذا كانت تترى فليس بشئ. قال سفيان الثوري تترى يعني أنت طالق أنت طالق أنت طالق. فإنها تبين بالأولى والثنتان ليستا بشئ وروي عن عكرمة عن ابن عباس ما دل على ذلك انتهى منه بلفظه. فهذه أدلة واضحة على أن الثلاث في حديث طاوس ليست بلفظ واحد بل مسرودة بألفاظ متفرقة كما جزم به الإمام النسائي رحمه الله وصححه النووي والقرطبي وابن سريج وأبو يحيى الساجي وذكره البيهقي عن الشعبي عن ابن عباس وعن عكرمة عن ابن عباس وتؤيده رواية أيوب التي صححها ابن القيم كما ذكره البيهقي وأوضحناه آنفا مع أنه لا يوجد دليل يعين كون الثلاث المذكورة في حديث طاوس المذكور بلفظ واحد لا من وضع اللغة ولا من العرف ولا من الشرع ولا من العقل؛ لأن روايات حديث طاوس ليس في شئ منها التصريح بأن الثلاث المذكورة واقعة بلفظ واحد ومجرد لفظ الثلاث أو طلاق الثلاث أو طلاق الثلاث لا يدل على أنها بلفظ واحد لصدق كل تلك العبارات على الثلاث الواقعة بألفاظ متفرقة كما