أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ١٢٩
كونها بلفظ واحد كما سترى بيانه في كلام القرطبي في المفهم في الجواب الذي بعد هذا.
واعلم أن ابن عباس لم يثبت عنه أنه أفتى في الثلاث بفم واحد أنها واحدة وما روى عنه أبو داود من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة أن ابن عباس قال: إذا قال أنت طالق ثلاثا بفم واحد فهي واحدة فهو معارض بما رواه أبو داود نفسه من طريق إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عكرمة أن ذلك من قول عكرمة لا من قول ابن عباس وترجح رواية إسماعيل بن إبراهيم على رواية حماد بموافقة الحفاظ لإسمعيل في أن ابن عباس يجعلها ثلاثا لا واحدة.
الجواب الخامس: هو ادعاء ضعفه وممن حاول تضعيفه ابن العربي المالكي وابن عبد البر والقرطبي.
قال ابن العربي المالكي: زل قوم في آخر الزمان فقالوا: إن الطلاق الثلاث في كلمة لا يلزم وجعلوه واحدة ونسبوه إلى السلف الأول فحكوه عن علي والزبير وعبد الرحمان بن عوف وابن مسعود وابن عباس وعزوه إلى الحجاج بن أرطاة الضعيف المنزلة المغمور المرتبة ورووا في ذلك حديثا ليس له أصل وغوى قوم من أهل المسائل فتتبعوا الأهواء المبتدعة فيه وقالوا: إن قوله أنت طالق ثلاثا كذب؛ لأنه لم يطلق ثلاثا كما لو قال: طلقت ثلاثا ولم يطلق إلا واحدة وكما لو قال: أحلف ثلاثا كانت يمينا واحدة.
ولقد طوفت في الآفاق ولقيت من علماء الإسلام وأرباب المذاهب كل صادق فما سمعت لهذه المسألة بخبر ولا أحسست لها بأثر إلا الشيعة الذين يرون نكاح المتعة جائزا ولا يرون الطلاق واقعا ولذلك قال فيهم ابن سكرة الهاشمي: السريع:
* يا من يرى المتعة في دينه * حلا وإن كانت بلا مهر * * ولا يرى تسعين تطليقة * تبين منه ربة الخدر * * من ههنا طابت مواليدكم * فاغتنموها يا بني الفطر * وقد اتفق علماء الإسلام وأرباب الحل والعقد في الأحكام على أن الطلاق الثلاث في كلمة وإن كان حراما في قول بعضهم وبدعة في قول الآخرين لازم. وأين هؤلاء البؤساء من عالم الدين وعلم الإسلام محمد بن إسماعيل البخاري وقد قال في
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»