أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ١٣٠
صحيحه: باب جواز الطلاق الثلاث لقوله تعالى: * (الطلاق مرتان) *.
وذكر حديث اللعان: فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يغير عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولا يقر على الباطل؛ ولأنه جمع ما فسح له في تفريقه فألزمته الشريعة حكمه وما نسبوه إلى الصحابة كذب بحت لا أصل له في كتاب ولا رواية له عن أحد.
وقد أدخل ملك في موطئه عن علي أن الحرام ثلاث لازمة في كلمة فهذا في معناها فكيف إذا صرح بها. وأما حديث الحجاج بن أرطاة فغير مقبول في الملة ولا عند أحد من الأئمة. فإن قيل: ففي صحيح مسلم عن ابن عباس وذكر حديث أبي الصهباء المذكور قلنا: هذا لا متعلق فيه من خمسة أوجه:
الأول: أنه حديث مختلف في صحته فكيف يقدم على إجماع الأمة؟ ولم يعرف لها في هذه المسألة خلاف إلا عن قوم انحطوا عن رتبة التابعين. وقد سبق العصران الكريمان والاتفاق على لزوم الثلاث فإن رووا ذلك عن أحد منهم فلا تقبلوا منهم إلا ما يقبلون منكم: نقل العدل عن العدل. ولا تجد هذه المسألة منسوبة إلى أحد من السلف أبدا.
الثاني: أن هذا الحديث لم يرو إلا عن ابن عباس ولم يرو عنه إلا من طريق طاوس فكيف يقبل ما لم يروه من الصحابة إلا واحد وما لم يروه عن ذلك الصحابي إلا واحد؟ وكيف خفي على جميع الصحابة وسكتوا عنه إلا ابن عباس؟ وكيف خفي على أصحاب ابن عباس إلا طاوس؟ اه محل الغرض من كلام ابن العربي وقال ابن عبد البر: ورواية طاوس وهم وغلط لم يعرج عليها أحد من فقهاء الأمصار بالحجاز والشام والعراق والمشرق والمغرب. وقد قيل: إن أبا الصهباء لا يعرف في موالي ابن عباس.
قال مقيده _ عفا الله عنه _ إن مثل هذا لا يثبت به تضعيف هذا الحديث؛ لأن الأئمة كمعمر وابن جريج وغيرهما رووه عن ابن طاوس وهو إمام عن طاوس عن ابن عباس ورواه عن طاوس أيضا إبراهيم بن ميسرة وهو ثقة حافظ. وانفراد الصحابي لا يضر ولو لم يرو عنه أصلا إلا واحد كما أشار إليه العراقي في ألفيته بقوله الرجز:
* في الصحيح أخرجا المسيبا * وأخرج الجعفي لابن تغلبا *
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»