تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٩ - الصفحة ٦٨
خنوخ بفتح الخاء المعجمة وضم النون الخفيفة وبعدها واو ساكنة ثم خاء معجمة وشاع اخنوخ بهمزة أوله وهو ادريس عليه السلام بن يرد بمثناة من تحت مفتوحة ثم راء ساكنة مهملة ابن مهلاييل بن قينان بن أنوش بالنون والشين المعجمة ابن شيث بن آدم عليه السلام وهذا يدل على أنه عليه السلام بعد ادريس عليه السلام وفي المستدرك أن أكثر الصحابة رضي الله تعالى عنهم على أنه قبل ادريس وفيه عن ابن عباس كان بين آدم ونوح عليهما السلام عشرة قرون وفيه أيضا مرفوعا بعث الله تعالى نوحا لأربعين سنة فلبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم وعاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس وفشوا وذكر ابن جرير أن مولده كان بعد وفاة آدم عليه السلام بمائة وستة وعشرين عاما وفي التهذيب للنووي رحمه الله تعالى أنه أطول الأنبياء عليهم السلام عمرا وقيل إنه أطول الناس مطلقا عمرا فقد عاش على ما قال شداد الفا وأربعمائة وثمانين سنة ولم يسمع عن أحد أنه عاش كذلك يعني بالاتفاق لئلا يرد الخضر عليه السلام وقد يجاب بغير ذلك وهو على ما قيل أول من شرعت له الشرائع وسنت له السنن وأول رسول أنذر على الشرك وأهلكت أمته والحق أن آدم عليه السلام كان رسولا قبله أرسل إلى زوجته حواء ثم إلى بنيه وكان في شريعته وما نسخ بشريعة نوح في قول وفي آخر لم يكن في شريعته إلا الدعوة إلى الإيمان ويقال لنوح عليه السلام شيخ المرسلين وآدم الثاني وكان دقيق الوجه في رأسه طول عظيم العينين غليظ العضدين كثير لحم الفخذين ضخم السرة طويل اللحية والقامة جسيما واختلف في مكان قبره فقيل بمسجد الكوفة وقيل بالجبل الأحمر وقيل بذيل جبل لبنان بمدينة الكرك وفي إسناد الفعل إلى ضمير العظمة مع تأكيد الجملة ما لا يخفى من الاعتناء بأمر ارساله عليه السلام * (إلى قومه) * قيل هم سكان جزيرة العرب ومن قرب منهم لا أهل الأرض كافة لاختصاص نبينا صلى الله عليه وسلم بعموم البعثة من بين المرسلين عليهم السلام وما كان لنوح بعد قصة الغرق على القول بعمومه أمر اتفاقي واشتهر أنه عليه الصلاة والسلام كان يسكن أرض الكوفة وهناك أرسل * (أن أنذر قومك) * أي أي أنذر قومك على أن أن تفسيرية لما في الإرسال من معنى القول دون حروفه فلا محل للجملة من الإعراب أو بأن أنذرهم أي بإنذارهم أو لانذارهم على أن أن مصدرية وقبلها حرف جر مقدر هو الباء أو اللام وفي المحل بعد الحذف من الجر والنصب قولان مشهوران ونص أبو حيان على جواز هذا الوجه في بحره هنا ومنعه في موضع آخر وحكى المنع عنه ابن هشام في المغنى وقال زعم أبو حيان أنها لا توصل بالأمر وان كل شيء سمع من ذلك فأن فيه تفسيرية واستدل بدليلين أحدهما أنهما إذا قدرا بالمصدر فات معنى الأمر الثاني أنهما لم يقعا فاعلا ولا مفعولا لا يصح أعجبني أن قم ولا كرهت أن قم كما يصح ذلك مع الماضي والمضارع والجواب عن الأول أن فوات معنى الأمرية عند التقدير بالمصدر كفوات معنى المضي والاستقبال في الموصولة بالمضارع والماضي عند التقدير المذكور ثم أنه يسلم مصدرية المخففة مع لزوم نحو ذلك فيها في نحو قوله تعالى والخامسة أن غضب الله عليها إذ لا يفهم الدعاء من المصدر إلا إذا كان مفعولا مطلقا نحو سقيا ورعيا وعن الثاني أنه إنما منع ما ذكره لأنه لا معنى لتعليق الاعجاب والكراهية بالإنشاء لا لما ذكره ثم ينبغي له أن لا يسلم مصدرية كي لأنها لا تقع فاعلا ولا مفعولا وإنما تقع مخفوضة بلام التعليل ثم مما يقطع به على قوله بالبطلان حكاية سيبويه كتبت إليه بأن قم واحتمال زيادة الباء كما يقول وهم فاحش لأن حروف الجر مطلقا لا تدخل إلا على الإسم أو ما في في تأويله انتهى وأجاب بعضهم عن الأول أيضا بأنه عند التقدير يقدر الأمر فيقال فيما نحن فيه مثلا أنا أرسلنا نوحا إلى قومه بالأمر بانذارهم وتعقب بأنه ليس هناك فعل يكون الأمر مصدره كامرنا أو نأمر ثم أنه يكون المعنى في
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»