تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٩ - الصفحة ٦٧
في عشرة عوالم المراتب التعينات أو لأن الطبائع الأربعة مع حصول المزاج بظهور طبيعة خامسة وبها تمام الخمسة إنما كانت في عشرة عوالم بحسبها فكان المجموع خمسين والعوالم العشرة هي عالم الامكان وعالم الفؤاد وعالم القلب وعالم العقل وعالم الورح وعالم النفس وعالم الطبيعة وعالم المادة وعالم المثال وعالم الأجسام والخمسون في وجه الرب ووجهة الحق في العالم الأول الذي هو الآخر تكون خمسين ألف سنة انتهى فإن فهمت منه معنى صحيحا تقبله ذوو العقول ولا يأباه المقول فذك وإلا فاحمد الله تعالى على العافية واسأله عز وجل التوفيق للوصول إلى معالم التحقيق وللشيخ الأكبر قدس سره أيضا كلام في هذا المقام فمن أراده فليتتبع كتبه وليسأل الله تعالى الفتوحات وهو سبحانه ولي الهبات.
سورة نوح عليه السلام مكية بالاتفاق وهي ثمان وعشرون آية في الكوفي وتسع في البصرى والشامي وثلاثون فيما عدا ذلك ووجه اتصالها بما قبلها على ما قال الجلال السيوطي وأشار إليه غيره أنه سبحانه لما قال في سورة المعارج انا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم عقبه تعالى بقصة قوم نوح عليه السلام المشتملة على اغراقهم عن آخرهم بحيث لم يبق منهم في الأرض ديار وبدل خيرا منهم فوقعت موقع الاستدلال والاستظهار لتلك الدعوى كما وقعت قصة أصحاب الجنة في سورة ن موقع الاستظهار لما ختم به تبارك هذا مع تواخي مطلع السورتين في ذكر العذاب الموعد به الكافرون ووجه الاتصال على قول من زعم أن السائل هو نوح عليه السلام ظاهر وفي بعض الآثار ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها على قوم نوح عليه السلام يوم القيامة أخرج الحاكم عن ابن عباس مرفوعا قال إن الله تعالى يدعو نوحا وقومه يوم القيامة أول الناس فيقول ماذا أجبتم نوحا فيقولون ما دعانا وما بلغنا ولا نصحنا ولا أمرنا ولا نهانا فيقول نوح عليه السلام دعوتهم يا رب دعاء فاشيا في الأولين والآخرين أمة بعد أمة حتى انتهى إلى خاتم النبيين أحمد صلى الله عليه وسلم فانتسخه وقرأه وآمن به وصدقه فيقول الله عز وجل للملائكة عليهم السلام ادعوا أحمد وأمته فيدعونهم فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته يسعى نورهم بين أيديهم فيقول نوح عليه السلام لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته هل تعلمون أني بلغت قومي الرسالة واجتهدت لهم بالنصيحة وجهدت أن استنقذهم من النار سرا وجهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته فإنا نشهد بما أنشدتنا إنك في جميع ما قلت من الصادقين فيقول قوم نوح عليه السلام وأنى علمت هذا أنت وأمتك ونحن أول الأمم وأنت آخر الأمم فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم إنا أرسلنا نوحا إلى قومه حتى يختم السورة فإذا ختمها قالت أمته نشهد إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وان الله لهو العزيز الحكيم فيقول الله عز وجل عند ذلك امتازوا اليوم أيها المجرمون.
* (إنآ أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم) *.
* (إنا أرسلنا نوحا) * هو اسم أعجمي زاد الجوالقي معرب والكرماني معناه بالسريانية الساكن وصرف لعدم زيادته على الثلاثة مع سكون وسطه وليس بعربي أصلا وقول الحاكم في المستدرك إنما سمي نوحا لكثرة نوحه وبكائه على نفسه واسمه عبد الغفار لا أظنه يصح وكذا ما ينقل في سبب بكائه من أنه عليه السلام رأى كلبا أجرب قذرا فبصق عليه فأنطقه الله تعالى فقال أتعيبني أم تعيب خالقي فندم وناح لذلك والمشهور أنه عليه السلام ابن لمك بفتح اللام وسكون الميم بعدها كاف ابن متوشلخ بفتح الميم وتشديد المثناة المضمومة بعدها واو ساكنة وفتح الشين المعجمة واللام والخاء المعجمة ابن
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»